أمّا وقد انتهى يوم المرأة العالمي واقع حالنا يقول، لن نحتفل، ولن ننتظر شيئا!
نعم لن نحتفل، قد نصحو صبيحة يوم التاسع من آذار على خبر قتل احداهن في مكان ما من العالم أو أقرب، قُتلت لأنه شبه لهم!
واقع الحال، أن هناك من سرقت طفولتها باسم الزواج، وهناك من لا تجد رعاية صحية كافية تموت ألماً، ومن لا تجد بيتا آمن بلا عنف، ولا حتى شارع بلا تحرش واستغلال. علينا أن نتذكر كم “غارمه” في السجون استغلت أو أجبرت على الاقتراض وانتهى بها الأمر سجينه، وكم نزيله في دور حماية الأسرة التي لا تحميها فعلا.
واقع الحال، أننا لسنا مفتاح شهوة، ولسنا وعاء عُقد البشرية. لسنا ناقصات عقول، ولا عورة وعار..
واقع الحال، أن بيننا المناضلات الصابرات، الشهيدات والأسيرات، القائدات والقويات ورغم ذلك نبحث عن ملاذ آمن في مجتمعات ذكورية أبويه تحارب كل ما نصل له من حقوق.
أرادت المنظومة الرأسمالية أن يكون يوم المرأة يوم استهلاكي، عروض خيالية، شعارات رنانة، منمّقة، ورود تجد طريقها على أرصفةٍ باردة لنهاية يوم نبرع فيه تمثيلا.. أوهمونا أنهم يحتفلون بنا كنساء. خطوا لنا النظريات، دخلنا الصراعات وتيه الفكرة والفتاوى..
هنا وهناك، أبعد او أقرب، نساء خارج حسابات الفنادق الكبيرة، والندوات الرنانة، نساء خارج حسابات الشعارات، هنّ الواقع، هنّ المشكلة والاشكال، المتعبات المصلوبات على مقصلة المجتمع. لا يحتفلن بالثامن من آذار، وربما لا يعرفنه، لكنهن يناضلن لأجل الاستمرار، يناضلن لأجل البقاء.
هنا وهناك، نساء خارج الوصفات المعلبة، لا يحتجن الى غطاء، ولا يخجلن من عُري، يبحثن عن حق في الحياة.. هنا نساء منسيات لم تشملهن أرقام الاحصاءات، عاملات، متعلمات، منجزات وقادة في أروقة الظلم وغرف العنف والتعنيف. لا نعرف من هنّ، تختلف الوجوه وتتوحد الصرخات.
علينا أن نتذكر أننا مازلنا مناضلات نبحث عن العدالة والمساواة، لا نحتفل بما لا نملك ولا نتوهم بأننا نملك، فمازال الطريق طويلاً ويوم الثامن من آذار ليس سوى يوم نستذكر فيه نضالات المرأة العاملة ونستذكر فيه حقوق مسلوبة، كرامتنا المهدورة، انسانيتنا السليبة.
ليكن الثامن من آذار يوما للتذكير بالأزمة، بالوجع، للتذكير بأن النضال يجب أن يكون مستمرا، وأن هناك الكثيرات لا يعرفننا ولا نعرفهن، ولكننا نلتقي بذات الحق وذات الألم.
ليكن الثامن من آذار صرخة مستمرة تدوي في فضاء عالم غير عادل، ليتنا نصل الى العدالة الاجتماعية لمجتمعات حرة قادرة على امتلاك قرارها وكرامتها وانسانيتها.
ليكن الثامن من آذار يوما للوحدة والتوحد، يتوقف نضالنا في عالم عادل نتساوى فيه بالحرية ونتشارك فيه الحياة، أما اليوم فلا نريد مساواة مع رجل تطحنا واياه عجلة الانظمة الفاسدة والرأسمالية، تغيب عنه العدالة، والتشاركية، نشترك بالجهل والتجهيل، الفقر والافقار والتطويع، نريد عالما حراً نتساوى فيه بالأمل..