هل كان إطلاق سراح مئة وخمسين أسيرًا يستحق كل هذه الدماء والدمار؟!
هذا السؤال الذي يقوم الكيان وأدواته بتسويقه للتشكيك بالمقاومة و”تبخيس” نضالاتها. ويبدو أنه يلقى رواجًا عند بعض الأدوات الإعلامية “العربية”، ما قد يؤدي الى الإحباط في نفوس البعض، لذلك أرى وجوب تعرية هذه الدعاية السخيفة وذلك عبر النقاط الآتية:
١- ما حدث في “٧ أكتوبر” كان جزءًا من حرب التحرير التي يخوضها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من خمسة وسبعين عامًا، وفكرة تبادل الأسرى كانت أحد أهداف الطوفان وليست الهدف الوحيد.
وفي حروب التحرير يقوم المحتل بممارسة كل أنواع القتل والتنكيل والمذابح بحق الأهالي والمدنيين.
فقد قام الجيش الفرنسي في عام ١٨٥٢ بمحاصرة مدينة الأغواط الجزائرية التي كانت عاصمة المقاومة في صحراء الجزائر آنذاك، مطالبًا قادة المقاومة بالاستسلام. قوبل طلبهم بالرفض ودافع المقاومون ببسالة عن أرضهم، ما دفع الفرنسيين لاستخدام الكلوروفورم السام ما أدى لاستشهاد ٢٥٠٠ مواطن في يوم واحد من أصل ٣٥٠٠ هو عدد سكان هذه المدينة.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد قامت -من ضمن مجازرها العديدة- بقتل ما يقارب ال٥٠٠ مواطن فيتنامي جلهم من النساء والأطفال في مجزرة عرفت لاحقًا باسم مجزرة الماي لاي.
والأمر نفسه بنطبق على المجازر التي قامت بها بلجيكا في الكونغو، وألمانيا في ناميبيا وهولندا في إندونيسيا.. الخ
هذه المجازر وهذا الإجرام لم يوقف حركة التحرير التي خاضتها شعوب تلك الدول، بل كانت حافزًا لها للمزيد من النضال والتضحية في سبيل الحرية والكرامة.
٢- إن الحديث عن أن هذه المجازر هي “ردة فعل” على أحداث ٧ أكتوبر هو بمثابة تبرئة للاحتلال ومحاولة من قبل بعض الأنظمة العربية عبر أدواتها الإعلامية، التهرب من مسؤوليتها القومية والانسانية والاخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني.
فتاريخيًا أقدم الكيان على عشرات المجازر بحق المدنيين في فلسطين ومصر ولبنان وفي معظمها لم يكن ينتظر الذريعة أو الحجة.
٣- الشعوب الحية عندما تدافع عن كرامتها لا تنتظر من المحتل أن يقابلها بالورورد، وهي تعي تمامًا أن هنالك ثمن باهظ سيتم دفعه. لذلك وجدنا أهلنا في غزة ملتفين حول المقاومة على الرغم من كل هذه المجازر.
٤- لا يمكن تقزيم نتائج طوفان الأقصى بعملية تبادل الأسرى، فهذه المعركة البطولية حققت إنجازات استراتيجية هامة وكبيرة جدًا ما دعا الرئيس الأمريكي نفسه ليذكرها في مؤتمره الصحفي الأخير.
وسأفرد لهذه الإنجازات مقالًا خاصًا ولكن بعد أن نظفر بالنصر الكبير قريبًا باذن الله.