مجموعة “ديليك” الصهيونية الأمم المتحدة تحظرها والحكومة تتعامل معها!

محمد العبسي
5 دقيقة وقت القراءة

مرة أخرى، وبعد مضي 3 سنوات، يعود مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبل أيام لينشر قائمة محدّثة لعدد من الشركات تخرق القانون الدّولي واتفاقيّات جنيف من خلال عملها في “مستوطنات الضفة الغربيّة”، وبالتالي دعمها المباشر للاستيطان، ولا تزال من بين تلك الشركات “مجموعة ديليك” Delek Group Ltd، مالكة أكبر حصّة في حقل “ليفاياثان” للغاز، الذي تستورد منه شركة الكهرباء الوطنيّة، المملوكة بالكامل للحكومة الأردنيّة، الغاز الفلسطينيّ المسروق، بـ10 مليار دولار لمدة 15 عامًا، بدأ فعليًّا مطلع العام 2020.

مجموعة ديليك “الإسرائيليّة” تملك 45.34% من حصص الشركاء في حقل ليفايثان (من خلال ملكيّتها لشركتيّ ديليك للحفر 22.67%، وآفنِر لاستكشاف النفط 22.67%)، وهي أكبر حصّة على الإطلاق ضمن ملكيّات الحقل، إذ كانت تملك نوبل إنرجي (أمريكية) والتي بيعت لاحقًا لشركة شيفرون نسبة 39.66%، وراشيو لاستكشاف النفط “إسرائيليّة” نسبة 15%.

كما تملك “مجموعة ديليك” أيضًا حصّة كبيرة في حقل تامار للغاز، الذي تستورد منه شركة البوتاس العربيّة (التي تملك وزارة المالية 27% من أسهمها، والضمان الاجتماعي 10%) الغاز، من خلال صفقة قيمتها 700 مليون دولار.

 بهذا المعنى، تحوز “مجموعة ديليك” التي تخرق القانون الدولي وتدعم “الاستيطان غير المشروع على أراضي الضفّة الغربيّة”، على حصّة الأسد من الأرباح الناتجة عن اتفاقيّة الغاز، وتجعل من أصحاب القرار في الأردن، الذين يقومون بتحويل أموالنا لصالح هذه الشركة، إلى داعمين بدورهم، وبشكل مباشر، للاستيطان الذي يدينونه ليل نهار، خارقين بدورهم القانون الدولي واتفاقيّات جنيف التي صادق عليها الأردن عام 1951.

ومع أننا لا نعترف أساسًا بشرعيّة المشروع الاستعماري الاستيطاني على كامل الأراضي المستعمرة منذ ما قبل عام 1948، لكن من المهم الإشارة هنا إلى أن هناك إجماعًا حتى في دوائر الأمم المتّحدة ومحكمة العدل الدوليّة يفيد بعدم شرعيّة المستوطنات على أراضي فلسطين المحتلة عام 1967، وأن وجودها يشكّل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي، ويخالف المادة 49 من اتفاقيّة جنيف الرابعة، ويعتبر “جريمة حرب” بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليّة، كما أكّدت محكمة العدل الدولية عدم شرعيّة هذه المستوطنات في قرارها عام 2004.

هذه الخروقات للقرارات والاتفاقيّات الدوليّة، قادرة وحدها على إنهاء التزامات الأردن المتعلّقة باتفاقيّة الغاز مع الصهاينة بالكامل، ودون تبعات أو غرامات من أي نوع، نظرًا لوجود “مجموعة ديليك” ضمن قائمة الشركات الداعمة للاستيطان الصهيوني الصادرة عن الأمم المتّحدة قبل أيام وللمرة الثانية في غضون ثلاث سنوات، ونظرًا لقيام “مجموعة ديليك”، المساهم الأكبر في حقل ليفاياثان، بخرق القانون الدولي والاتفاقيّات الدوليّة بدعمها لـ”الاستيطان غير المشروع على أراضي الضفّة الغربيّة”.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحملة الوطنيّة الأردنيّة لإسقاط اتفاقيّة الغاز مع الكيان الصهيوني، كانت قد سلّمت في وقت سابق، شكوى للمركز الوطني لحقوق الانسان، مدعّمة بالوثائق، وطالبته باعتباره الجهة الوحيدة المعنيّة في الأردن بهذا النوع من الخروقات الجسيمة للقانون الدولي واتفاقيّات جنيف، وما يتعلّق بدعم جرائم الحرب، أن يتابع وعلى وجه السرعة هذه الخروقات التي أقدم عليها أصحاب القرار في الأردن، والحكومة الأردنيّة، ورؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركتين المذكورتين (شركة الكهرباء الوطنيّة وشركة البوتاس العربيّة)، وأن يعمل على الوقف الفوري لهذه الخروقات، والوقف الفوريّ لدعم المستوطنات ودعم جرائم الحرب، عبر إلغاء اتفاقيّات الغاز المذكورة، وأن يعمل على تقديم المسؤولين عن هذه الاتفاقيّات، للمحاسبة أمام المؤسسات القانونيّة المحليّة والدوليّة ذات العلاقة، لما أقدموا عليه من خرق للقانون الدولي، ولاتفاقيات جنيف، ومن دعم للاستيطان غير المشروع، ودعم لجرائم الحرب، لينالوا جزاءهم العادل عن هذه الجرائم.

يبدو أن التضليل الذي مارسته ولا تزال تمارسه الحكومات  وأصحاب القرار، والازدواجية في المعايير التي يتبنّونها بخصوص إدانتهم للاستيطان والانتهاكات الصهيونيّة كلاميًّا، ودعمهم لها فعليًّا، لا حدود لها؛  فعلى الرّغم من الادانات وعبارات الشجب والاستنكار ، وبشكل شبه يوميّ، للانتهاكات الصهيونيّة في القدس المحتلّة، والاستيطان، والمشاريع الصهيونيّة والمستوطنات المقامة على أراضي فلسطين المحتلة عام 1967 للكيان الصهيونيّ، في تهديد واضح ومباشر للمصالح الاستراتيجيّة الأردنيّة، وأمن الأردن ومواطنيه؛ لا تزال ماضية في تنفيذ اتفاقيّة استيراد الغاز من الصهاينة.

شارك المقال
متابعة
- عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية - منسق تجمع اتحرّك لمجابهة التطبيع - أمين سر حملة غاز العدو احتلال