أيّها العارفُ بالمكوّناتِ الدقيقةِ وردّاتِ الفعلِ والانفعالاتِ الصغيرة المركّبة،
أيّتها الكاشفةُ عن النّوايا والأسرارِ المعقّدةِ المتداخلةِ في كلّ تفاصيلِ العيش:
مَدَدْ..
لم يعد أحدٌ في هذهِ الغربةِ الشّاسعةِ يدري: ما علاقة هذا بذاك، ولمَ هذا هنا ولم تلكَ هناك..
يئستُ من الفراغ الذي لا يفتحُ أبوابهُ الا على فراغ.
سئمَتْ من الخلايا كبقعِ الزيتِ على ذاتِ الجسد: لا تستفيدُ منها، تشوّهها!
هذا ابنٌ لذاك، ذاك ابنٌ لـ لا أحد..
يا صاحبَ الكينونةِ
مَدَدْ..
أيتها العين زرقاء اليمامةِ المتفحّصةِ الضليعةِ باللغةِ العربيةِ،
يا محلّل الأخطاءِ والأخطارِ وما بينهما من مللٍ وتفاصيل،
ليس بوسعها الآن أن تقول ما ينبغي عليها قوله، ولا الافصاح عمّا ترغب؛ فالخوف حاصرنا وأطلق العنانَ لصوته!
يالّذي تدري:
مَدَدْ..
أشكو يا من تسمعُني غربتي وتيهي بين من أعرفهم ومن لا يدري،
أشكو يا من تنصتُ ضعفَ رؤيتي وقدرتي على استكمالِ الطريق،
الطريقُ ذائبةٌ والماءُ كثيرٌ والصّقيع ملأ الأرصفة السوداء؛ فازدادت عتمة.
يا صاحبَ الحكمة:
أرسل من تعرفهم في طريقي وليصرخوا باسمي او باسم أحد أعرفه: علّني أجدكَ!
أو أجد ظلّي..
يا من تعرفُ:
مَدَدْ.. مَدَدْ شدّي حيلك يا بلد!