العبودية الجديدة عبر الديون.. وإدامتها

د.موسى العزب
2 دقيقة وقت القراءة

الديون المستدامة (الفردية والحكومية)، تقود مجتمعاتنا إلى تعطيل التنمية، وتولد شعور دائم بالذنب ولوم الذات. وتسقطنا جميعا في حالة من القلق، يتوجب علينا فيها أن نستمر بالدفع لتسديد تلك الديون.

علينا أن نعمل ونعمل أكثر، ونجوع أكثر، لكي ندفع أكثر، ونسدد أسرع، بينما سيف الدائنين مسلط على رقابنا.

تُفبرك النقود بواسطة المصارف والبنوك، وتعود إليها.. ولكن في الحالة الطبيعية، وجب على النقود أن تكون ملكية عامة، ولكن وبسطوة الرأسمالية، تحولت إلى ملكية خاصة، وأداة سيطرة.

النقود في الحقيقة وفي مجتمع العدالة الاجتماعية، هي حاجة حيوية مثل الهواء والماء.. تخيلوا مثلا أن يصبح الهواء ملكية خاصة، كم سنصبح تعساء عندما نجبر على دفع دينار مثلا مقابل كل ليتر من الهواء نتنفسه!!

هذا يعني بأن إنتاج ما يسمح لك بمجرد العيش، يخضع للمصالح الخاصة، وأن هناك أرباحا تُحصَّل على حساب عيشك، ومجرد أن تبقى على قيد الحياة!!

ولأن النقود حاليا تعود للملكية الخاصة، فهذا الوضع يمنح امتيازات هائلة وإمكانيات غير محددة للبنوك والمصارف، ومؤسسات المال، ويجعلها تسيطر على اقتصاديات لا تملكها، بدلا من أن يكون المنتج هو المالك الحقيقي للاقتصاد، وفي بلادنا تضرب الديون الإنتاج بالكامل، وتكرس التبعية.

في مجتمع رأسمالي، يصبح الممول فيه، وصيا ومهيمنا على الاقتصاد، حيث تسود أخلاقيات السوق الفظة، وتصبح الحياة صعبة عنيفة، تتشكل من سلسلة من المعاناة الدائمة، وتنتشر مشاعر الإحباط، والشعور الدائم بالذنب!!

شكل من العبودية الحديثة؛

مطلوب منك دائما الدفع.. فواتير/أجور/ ضرائب/ مستهلكات من كل الأصناف، وفوق ذلك سداد الديون القاتلة.

في زمن الرومان كان يتم بيع المدين مع زوجته ليتحولا إلى عبيد، ونعيش اليوم في نظام عالمي يعيدنا إلى نمط من العبودية من طراز جديد؛ نبيع فيها قوة عملنا لمجرد أن نعيش ونسدد الديون، كل ذلك تديره أنظمة شمولية تدعي بنشر الديمقراطية؛ من نيويورك حتى طوكيو، مرورا بلندن وباريس.. بينما يفرض على دول ومواطنين الغرق في التبعية، وعذاب أخلاقي، وقلق أبدي بثمن باهظ!!

شارك المقال
متابعة
  • الدكتور موسى محمد عبد السلام العزب
  • * مواليد عمان/ في 2 أيار 1951.
  • * حاصل على شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة وهران/ الجزائر في العام 1978.
  • * عمل في المستشفيات والمراكز الطبية للهلال الأحمر الفلسطيني في سورية ولبنان، حتى العام 1982.
  • * حاصل على شهادة التخصص العليا في أمراض النساء والتوليد من الجامعات الفرنسية عام 1986.
  • * عمل طبيباً إختصاصياً لأمراض النساء والتوليد في مستشفى الهلال الأحمر الأردني لمدة 25 عاما، وعيادة خاصة حتى اليوم.
  • * عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني.
  • * منسق الحملة الوطنية، "صحتنا حق".
  • * ناشط إجتماعي ونقابي وسياسي وإعلامي، لمدة تمتد لأربعة عقود.