قال أردوغان في مؤتمر صحافي، أمس الأربعاء، “أعتقد أن هذه الزيارة التاريخية ستكون نقطة تحول جديدة في العلاقة مع تركيا. هدفنا المشترك هو إحياء الحوار السياسي على أساس المصالح المشتركة”.
وأضاف “أعتقد أن هذه فرصة لإحياء التعاون في مجال الدفاع والطاقة والذي كان قد بدأ في السابق”، في إشارة إلى أنشطة سفن التنقيب والمسح السيزمي التركية في البحر المتوسط والبحر الأسود.
التعاون في قطاع الطاقة
ونوه الرئيس التركي في المؤتمر الصحفي، إلى أن الزيارة ستؤذن بـ “حقبة جديدة”، وأن البلدين يمكن أن يعملا معاً لنقل الغاز الطبيعي من الكيان إلى أوروبا إحياءً لفكرة طُرحت في البداية منذ أكثر من 20 عاماً.
وفق وكالة رويترز، من الممكن أن تخفف إمدادات الغاز من منطقة البحر المتوسط اعتماد أوروبا على الغاز الروسي الذي أصبح موضوعاً ساخناً في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية وما أعقبه من نداءات من القادة الأوروبيين لتقليل اعتماد القارة على الغاز الروسي.
جاءت تصريحات أردوغان بعد محادثات أجراها مع رئيس الكيان إسحق هرتسوغ، الذي وصل وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، إلى العاصمة التركية أنقرة في زيارة رسمية تستغرق يومين لـ “تفقد أوضاع الجالية اليهودية” بحسب وسائل إعلام صهيونية.
تعد هذه أول زيارة من نوعها يقوم بها مسؤول صهيوني لتركيا منذ عام 2008، حيث شهدت العلاقات التركية مع الكيان توترات منذ العام 2008، عندما طردت كل من تركيا والكيان السفيرين بسبب قتل قوات الكيان 60 فلسطينيًا خلال احتجاجات عنيفة على حدود قطاع غزة.
وازداد التوتر إثر قتل الكيان، 10 ناشطين اتراك عام 2010، بعد اعتدائه عام 2010 على سفينة مساعدات كانت في طريقها لكسر الحصار عن غزة. لتعاود العلاقات الدبلوماسية عام 2016، وإعادة قطعها عام 2018 إثر تبادلهما الاتهامات بسبب احتلال الكيان للأراضي الفلسطينية ودعم تركيا لحركة حماس التي تدير القطاع.
ورغم سنوات الجفاء استمرت التجارة بين تركيا والكيان، وبلغت قيمتها 6.7 مليار دولار في 2021، أي ارتفاعًا بـ 5 مليارات دولار مقارنة بالعامين 2019 و2020 وفقا للأرقام الرسمية.
فصائل فلسطينية تدين استقبال هرتسوغ في تركيا
اعتبرت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين زيارة رئيس دولة الكيان الصهيوني إلى تركيا تظهير لحقيقة العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي لم تتوقف بأبعادها الأمنية والاقتصادية والسياسية، رغم أيّة توترات قد شهدتها هذه العلاقات بين حينٍ وآخر.
وقالت الجبهة الشعبيّة في تصريح لها إنها تقدر عالياً مواقف الشعب التركي الصديق في دعم شعبنا وحقوقه الوطنية، لم تنخدع يوماً بحقيقة السياسة الرسمية التركية، فالدولة التركية – عضو حلف الناتو- قد انخرط نظامها مع دولة الكيان وأعضاء الحلف في السياسات المعادية لشعوب المنطقة، وبدعم قوى الإرهاب في كل من العراق وسوريا، والمشاركة في غرفة عمليات مشتركة توفّر للإرهاب كل مقومات تدمير الدولتين ومقدراتهما، عدا عن احتلاله المباشر لأراض سورية ونهب خيراتها.
وختمت الجبهة، تصريحها داعيةً القوى الوطنية والتقدمية التركية الصديقة إلى مواجهة سياسة النظام في تطبيع وتوسيع علاقاته مع دولة الكيان لأنها لن تكون إلاّ على حساب الشعوب العربية ومصالحها، وعلى حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية التي طالما مارس الرئيس التركي عملية تضليل وخداع واسعة بادّعاء دعمه لها، وهو يمارس في ذات الوقت أوسع تنسيق أمني سيطال كل المناضلين الفلسطينيين.
ومن جهتها حركة حماس قالت في بيان لها أنّها: “تابعت بقلقٍ بالغ زيارات مسؤولي وقادة الكيان الصهيوني لعددٍ من الدّول العربية والإسلامية، وآخرها زيارات رئيس الكيان الصهيوني هرتسوغ لعددٍ من دول المنطقة.”
وأدانت حماس زيارة رئيس الكيان لـ “دول في المنطقة” دون أن تذكر تركيا أو رئيسها رجب طيب أردوغان في بيانها، لكنها عبّرت عن أسفها “من تلك الزيارات لأشقائنا في الدّول العربية والإسلامية، التي تعدّها عمقًا استراتيجيًا لشعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة، داعيةً إلى عدم إتاحة الفرصة للكيان الصهيوني لاختراق المنطقة والعبث بمصالح شعوبها.”
وفي وقت سابق أفادت صحيفة “حرييت” التركية بأن أنقرة تدير منذ عام ونصف العام قناة محادثات سرية مع عدة دول في المنطقة، من بينها الكيان، “لربما بهدف إيجاد موطن جديد لحركة حماس”.
وحسب التقرير، فإن “المفاوضات الأشد كثافة كانت مع الكيان، الذي يريد أن يتم طرد نشطاء حماس”.
وأشار التقرير إلى أن أنقرة أبلغت حماس بأن “أصحاب المناصب العسكرية في حركة حماس لن يمكثوا في تركيا” وأنها “لن توفر مساعدات عسكرية للحركة”، مضيفا أن أنشطة حماس السياسية في تركيا ستستمر.
حركة الجهاد الإسلامي كانت أكثر وضوحًا عندما قالت في بيانها، إنها تستنكر بشدة استقبال هرتسوج في تركيا على وقع التصعيد العدواني للكيان في القدس، معتبرة أنها “تمثل انحيازا للعدو في مواجهة جهاد الشعب الفلسطيني”.
وأضافت الحركة أن السعي لاستعادة العلاقات مع الكيان بذريعة مصلحة هذه الدولة أو تلك هو “خذلان للقدس وفلسطين”.
لكنها ثمنت في الوقت نفسه، “المواقف القوية للشعب التركي المسلم الذي يرفض هذه الزيارة كونها تتجاوز موقف الشعب التركي المساند لحقوق الشعب الفلسطيني”.
وأدانت لجان المقاومة استقبال رئيس الكيان الصهيوني المجرم اسحق هيرتسوغ في تركيا.
وقالت لجان المقاومة أن “استقبال الرئيس الصهيوني في تركيا في ظل تصاعد العدوان والإرهاب الصهيوني بحق كل مكونات الشعب الفلسطيني ومقدساته هو امر مرفوض ومدان.”
وأضافت لجان المقاومة “إننا نرفض كل أشكال التطبيع والتواصل والعلاقة مع العدو الصهيوني المجرم “.
وثمنت لجان المقاومة مواقف شعوب الأمة الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يحتل ويدنس الأرض الفلسطينية ومقدساتها المباركة.
تظاهرات رافضة لاستقبال هرتسوغ في تركيا
شهدت عدد من المدن التركية، أمس الأربعاء، مظاهرات ووقفات احتجاجية رافضة لزيارة هيرتسوغ، وذكرت وسائل إعلام تركية، أن ناشطين أتراك أحرقوا أعلام الاحتلال معلقة في طريق المطار الذي هبطت فيه طائرة هرتسوغ بأنقرة ورفعوا بدلا منها أعلام فلسطين.
كما نظمت مؤسسات مجتمع مدني مظاهرات في أنقرة وإسطنبول ومحافظات تركية أخرى احتجاجا على زيارة هيرتسوغ.
وفي وقفة تمت أمام سفارة الكيان في أنقرة ردد المتظاهرون هتافات مناهضة للولايات المتحدة والكيا، حاملين صور النشطاء الأتراك الذين فقدوا حياتهم برصاص جنود الاحتلال الصهيوني على متن سفينة ” مرمرة”، ثم أحرقوا علمها.
وجاء في البيان الصحفي الذي تلاه ممثل عن جمعية شبيبة الأناضول “لن ننسى مئات آلاف الشهداء الفلسطينيين، وباسم قدسية القدس والمسجد الأقصى يجب مواجهة هذه الزيارة التي هي خطوة نحو تطبيع العلاقات مع الكيان”.
وفي السياق، أصدر حزب السعادة التركي بيانا مناهضا لزيارة الرئيس الإسرائيلي قال فيه “إن زيارة القاتل هرتسوغ لتركيا أضرت بشدة بأمتنا، فهذه الزيارة تعني خيانة القضية الفلسطينية”.
وطالب البيان الرئيس التركي بقطع العلاقات مع الكيان، وقال إن “إسرائيل تريد بيع الغاز الذي سرقته من إخواننا الفلسطينيين إلى أوروبا عبر تركيا، يجب على الحكومة التركية ألا تتوسط لسرقة إسرائيل، فأمتنا لا تقبل مثل هذا الاتفاق الذي يضفي الشرعية على الإرهاب الإسرائيلي”.
وأكد أن تطبيع تركيا مع إسرائيل لن يجلب سوى الاحتلال والمجازر لفلسطين، ولن يجلب إلا الشر لتركيا.
يذكر أن حزب “السعادة” التركي، قام بتنظيم احتجاجات في أكثر من 81 مقاطعة تركية، رفضاً لزيارة اسحق هرتسوغ.