أكثر من خمسمائة وخمسون يوم من المذبحة المستمرة، مشاهد فاقت مامرّ في تاريخ الحروب والصراعات أدماها.. موتٌ وجوعٌ وقتل وبرد، غزة كلها درباً للآلام وأبناؤها مصلوبون بانتظار الرفع الى السماء..
ليس موتاً ولا ألماً… إبادة نثرت رائحة الدماء واللحم والأشلاء، حبست السماء دموعها، وفقدت الأرض رحمتها… ومابين كل هذا الوجع تنمو فكرة الخلاص الفردي ولعبة استمرار الحياة !!
كيف لنا الخلاص والنأي بالنفس والإقناع بأننا لا نملك مانفعله، لا نملك مانقدمه، سوى التمسك بالأمل والحياة !!
شكلٌ من أشكال العجز والأنانية المذبوحة ندفن الرؤوس كالنعام فلا نرى ونُقنع أنفسنا بأننا ننجو …
غابت الحياة هناك، أصبح كل مافيها أمنية، انتشرت رائحة الموت حتى سكنت منزلي، غيبنا الفرح، والتزمنا قواعد الأدب في الأحزان، كل البيوت هناك عزاء، إذاً لا مناسبات ولا احتفالات ولا ولائم ولا ولا ولا ولا…
حياة مختلفة فرضها العدوان على غزة، لنا أهل يقتلون!! ولكن هذا الصراخ لم يصل رام الله ؟!
الخلاص الفردي واستمرار الحياة ..!
الخلاص الفردي واستمرار الحياة، زراعة الأمل، النهوض بالذات وغيرها الكثير من التعابير المحمولة على كفي ميزان الأنانية والعجز.
أنانيتك في قناعتك بأن هناك خلاص ذاتي… في أمة تُذبح تواجة عدواً واحداً ينتشر حتى يصل ويسحب روحك بعد أرواح من قبلك، وعجزك عن الاستدراك بذاتك وقدرتك على التغيير ، أنانيتك وعجزك يجعلون منك شخصا لاهثا وراء خلاصه الذي لم ولن يأتي، ومن الفرد للمجتمع والدولة، تنتقل الإبادة ليصل عدوك الى مايريد
المقاومــة
اصطلاحاً يقاوم جسدك المرض والوهن، تألم .. فيبني جسدك وسائل دفاعة الذاتية تدريجيا وتكاملياً، لتحصل على جسد ذو مناعةٍ جيدة تواجه خطر عدوك.
انسانيا فهي قدرتك على مواجهة عدوك، مُحتلاًـ، مُغتصبا، سارقاً … أيّاً كانت عدائيته معك، تبدأ وحدك وتنشر فكرك، حلفاءك، تحدد أعداءك، وتبني قضيتك..
ثقافة المقاومة والحاضنة الشعبية
إرادة الحياة، مواجهة الظلم والاستبداد .. وفي قضيتنا الفلسطينية وصراعنا مع الكيان الصهيوني هي مواجهةٌ مستمرة فردية جمعية لا تحددها حدود الجغرافيا ولا الخطر المباشر، إنما فكرة الخلاص الجمعي والصمود المجتمعي عنوان البقاء في صراع الوجود المعنون إما نحن أو هم وهذا ما تجلى في العدوان الأخير على غزة في أفظع صور الإبادة التي قام بها الكيان الصهيوني ضد اصحاب الأرض والقضية.
استمرت المقاومة أكثر من خمسة وسبعين سنة لأنها حققت نصرها الجمعي أولاً، في الوقت الذي راهن الكيان الصهيوني على جيل ينسى، استمرت قضيتنا الى اليوم راسخه في عقول أبناء أمتنا سلاحنا الأول للصمود..
وماتسطره اليوم غزة من ثبات ليس بعيداً عن ثقافة مقاومة و حاضنة شعبية حضنت الوطن دامياً متألما متوحدا وصمدت.
في غزة .. تساقطت الاحلام، انحرق المستقبل واندثر الأمل والقادم أصعب في وعينا، إلا أن الصراع مابين علاقة الفرد والمجتمع، الخاص والعام، الأنانية والإنتماء برز بليبراليته في الوقت الذي عجزت كل مؤسسات حقوق الانسان ودعاة الإنسانية في إيقاف الدماء هناك، تمسك الأخرون بالأنا وخلاصهم الفردي
طوفان لا يُبقي ولا يذر ، والخلاص الحقيقي ليس بالتضامن بل بالمقاومة الكاملة ليكن لنا جيل قادرة على مواجهة دوره في هذا الصراع
اعتقالات من قلب الحاضنة الشعبية
لن ينفصل الشعب الأردني يوما عن قضية فلسطين العروبية، وللواقعية بات العالم كله بأنظمته يقف ضد المقاومة والمتضامنين معها، فنجد أي حراك مع غزه مشيطن كما المقاومة.
رفاقي اليوم في السجون والمعتقلات، لكل منهم قصة طموح ونجاح، لهم ملح الأرض، شجرها وسماءها، أعطوها قلبهم ولم يأمنوا العقاب فقط لانهم اولاد الحاضنة الشعبية للمقاومة.