الحرب في أوكرانيا.. بين العقوبات ضد روسيا.. وتخبط الليبراليين الأوروبيين الجدد!!

د.موسى العزب
3 دقيقة وقت القراءة

عند هؤلاء تطغى شؤون التجارة والسوق، على صوت المدافع، وهم يبحثون عن حلول اقتصادية تقنية، حتى ولو لم تكن متطابقة مع استحقاقات الرؤية السياسية.

بداية، كأمر ملح، هم يرون بأنه من الممكن تعويض غاز روسيا، عن طريق الاستيراد من قطر والجزائر، إضافة إلى الغاز المسال الأمريكي، ثم يأتي البحث بعد ذلك، في إمكانية التكيف التدريجي مع الزيادة في الأسعار للغاز الجديد الذي سيكون أغلى ثمنا في البداية، نظرا للحاجة لإجراء تعديلات تقنية ولوجستية في نقله واستقباله وتخزينه.

هذه النخب الليبرالية -والموجودة في السلطة في أكثر من بلد أوروبي- تطالب بوضع ضرائب على الغاز الروسي، مما سيؤدي إلى رفع أسعاره في السوق الأوروبي على المدى القريب.. تقلل من مزاياه، وتحسن من الموقع التنافسي للبدائل، مما سيحدث التعويض المرغوب على المدى المتوسط، وما يعنيه من تراجع الموارد الروسية.

وهكذا فهم يعتبرون بأن ألمانيا وإيطاليا قد أخطأتا باستجابتهما المبكرة للمعايير البيئية، وتخلصهما من توليد الكهرباء عن طريق المفاعلات النووية، واعتبار ذلك خيار سيء، نرى نتائجه السلبية الآن على هامش النزاع القائم.. وتأكيدهم على ضرورة الذهاب إلى اعتماد إجراءات سريعة تحمي الاقتصاد ولو كان ذلك على حساب الحفاظ على البيئة، بما في ذلك التخلي عن التزامات كبح ارتفاع حرارة الأرض، وضبط التغير المناخي!!

النيوليبرال الأوروبي يعتب على الرئيس الأوكراني لأنه كشف أوراقه مبكرا وأعلن رغبته بالتوصل إلى حل سياسي وسط، وموافقته على الدخول بمفاوضات مع موسكو على أرضية طلباتها فيما يتعلق بالجمهوريات المستقلة، مما أفقد الجانب الغربي بعض أدوات ضغطه.

هؤلاء يراهنون على “محدودية” استمرار تأييد الصين لموقف بوتين. وبرأيهم فإن القيادة الصينية ستكون منحازة في المحصلة لبراغماتية “البزنس”، وأولوية الحفاظ على حجم مصالحها التجارية الكبيرة مع الغرب.

تتنكر هذه الأوساط الأوروبية لما كانت تسمية المسؤولية السياسية الأخلاقية، وتدعوا علانية لعدم التجاوب كثيرا مع نداءات الرئيس الأوكراني بسحب الاستثمارات الأوروبية الكبرى من روسيا، وتتذرع؛ بأن مثل هذه الإجراءات إن تمت، ستفقد دولها، بعض أسواقها الخارجية المهمة، كما أن “المغامرة” بمثل هكذا إجراء، سيحرمها من ميزات اقتصادية لصالح أطماع “الديكتاتور” بوتين!! 

تعترف هذه الأوساط بخطئها في التقصير في لعب دور تنموي فاعل في دول العالم الثالث، مما حدد من هامش مناورتها، وأفقدها تعاطف مجال حيوي واسع كان من الممكن أن يشكل بدائل ارتكازية خارج سطوة الطاقة، واحتكارات سوق المعادن الروسية.

وفي الإثناء، لا تخفي هذه الأطر قلقها من الارتدادات القريبة القاسية على الاقتصاد الأوروبي، وخطر الانكماش، وتوجه بعض الدول إلى عسكرة المجتمع الأوروبي، وبوادر تفتت الديمقراطية بالمفهوم البرجوازي الليبرالي، وما يترتب على ذلك من انكشاف عجز العولمة في التجاوب مع تحديات العصر، ومقدمات تعثر اقتصاد السوق والتجارة الحرة، في فرض النمط الليبرالي الجديد على عالم متعدد الأقطاب.

وقد أخذ هؤلاء يرجون أن تنتهي هذه الحرب بسرعة، ويندبون حظهم لوجود جار “مزعج” مثل بوتين، على طول حدودهم الشرقية!!

شارك المقال
متابعة
  • الدكتور موسى محمد عبد السلام العزب
  • * مواليد عمان/ في 2 أيار 1951.
  • * حاصل على شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة وهران/ الجزائر في العام 1978.
  • * عمل في المستشفيات والمراكز الطبية للهلال الأحمر الفلسطيني في سورية ولبنان، حتى العام 1982.
  • * حاصل على شهادة التخصص العليا في أمراض النساء والتوليد من الجامعات الفرنسية عام 1986.
  • * عمل طبيباً إختصاصياً لأمراض النساء والتوليد في مستشفى الهلال الأحمر الأردني لمدة 25 عاما، وعيادة خاصة حتى اليوم.
  • * عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني.
  • * منسق الحملة الوطنية، "صحتنا حق".
  • * ناشط إجتماعي ونقابي وسياسي وإعلامي، لمدة تمتد لأربعة عقود.