لماذا لم ترد الحكومة الأردنية على تصريحات بينيت، حول القدس، عندما قال: “جميع القرارات المتعلقة بالحرم القدسي والقدس ستتخذها “إسرائيل” التي هي صاحبة السيادة على المدينة بغض النظر عن أي اعتبارات خارجية”.
هل نعود لقراءة بحثية مستحقة حول وضع القدس في كل من اتفاقية أوسلو، ومعاهدة وادي عربة..؟؟
نصت اتفاقية أوسلو على تأجيل المفاوضات حول الوضع النهائي لمدينة القدس، بالإضافة إلى قضايا (اللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه)، إلى المرحلة الثالثة والأخيرة التي امتدت حتى الآن ل28 عامًا.
واكتفى موقعو الاتفاق مقابل هذا التأجيل برسالة مخادعة بعث بها شمعون بيرس وزير الخارجية في حينه، إلى وزير الخارجية النرويجي “هولست” في تشرين الأول من العام 1993، ونصت (الرسالة) على اعتراف “إسرائيل” بالمصالح الوظيفية لمنظمة التحرير في مدينة القدس، وأن جميع المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، بما فيها المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية، بالإضافة إلى بيت الشرق، والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية تؤدي مهمة رئيسية للسكان الفلسطينيين وتتعهد إسرائيل بعدم عرقلة نشاط هذه المؤسسات، وقد نقل هذا التعهد إلى منظمة التحرير.. ثم ما لبثت الحكومات “الإسرائيلية” المتتابعة أن شطبت كل هذه التعهدات تباعا!!!
ومن المفارقات أنه تم تعديل رسالة “هولست” في إعلان واشنطن الصادر عن رئيس الحكومة “الإسرائيلية” إسحق رابين والملك حسين في تموز 1994، فقد نص الاتفاق الإسرائيلي-الأردني على أن: “إسرائيل” تحترم الدور الحالي للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، و”عند إجراء مفاوضات الوضع النهائي “ستولي” إسرائيل أولوية كبرى لــ “الدور الأردني التاريخي” في هذه الأماكن!!.
ويتضح من رسالة “هولست” وتعديلاتها أن “إسرائيل” لم تتخلى عن سيطرتها عن مدينة القدس، فعلى الجانب الفلسطيني جعلت منظمة التحرير طرفا مفاوضا فقط في القضايا التي تؤثر على حياة المقدسيين، وعلى الجانب الأردني، جعلت الأردن طرفا مفاوضا بشأن القدس فيما يتعلق بأماكن العبادة الإسلامية فقط، في محاولة منها لنقل الخلافات معها، إلى مشاكل بين الطرفين الشقيقين العربيين!
أعقبت هذه المقاربة “الإسرائيلية” بعد شهر واحد فقط، في آب 1994، موافقة الكنيست “الإسرائيلي” بأغلبية 77 صوتا مقابل تسعة أصوات على قرار ينص على أن القدس الموحدة ستبقى عاصمة “إسرائيل” الأبدية، وصوت إلى جانب القرار جميع الوزراء في حكومة إسحق رابين (صاحبة التعهدات)، وهي بذلك احتكرت لنفسها تحديد المرحلة النهائية للوضع. ولم تصدر لهذا التصويت ردود أفعال عمليه من الطرفين العربيين!!
يتضح مما سبق أن دولة الاحتلال مارست الخداع من خلال سن تشريعات وفرض حقائق جديدة تحدد خلالها سلفا نتائج مفاوضات الحل النهائي على القدس، وساندتها في خطواتها وتواطأت معها الولايات المتحدة بشكل مباشر وغير مباشر في كل جرائمها.
ومن هنا فإن إسقاط اتفاقية أوسلو، ومعاهدة وادي عربة، يجب أن تعطى أولوية، للوصول إلى نتائج عملية في الصراع على القدس، كما هو الصراع على فلسطين.. يجب أن يكون مفتوح وشامل، مع التخلص الكامل من تبعات معاهدات واتفاقيات الذل والمهانة.