ردًّا على تصريح قاضي قضاة فلسطين.. زيارة الأقصى تطبيع وتخدم العدو فقط ولا للعبث بمعايير القاطعة

محمد العبسي
4 دقيقة وقت القراءة

قد يبدو الحديث حول معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني حديثًا مُستهلَكًا، ولكن من الضروري الاستمرار بالاضاءة على تلك المعايير والتأكيد عليها طالما أن هنالك من يتطوّع بقصد أو عن غير قصد لخرق تلك المعايير مستخدمًا في خرقه لها مسوّغات دينية أو إنسانية أو غيرها كمدخل لتبرير التطبيع مع العدو أو خدمةً لأهدافه.

فبالأمس صرّح قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش بأن “زيارة المسلمين من دول أخرى للمسجد الأقصى ليس تطبيعًا”، وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو بها الهباش للزيارة، ففي العام 2019 كان قد “دعا الجماهير العربية والإسلامية للزحف إلى القدس وزيارة المسجد الأقصى نصرةً لاهلنا المقدسيين”، هذه “الفتوى” وغيرها من الدعوات، هي الحق الذي يراد بها الباطل، وقد تجد تلك الفتاوى صداها وضالتها لدى العديد ممن ينتظرها كغطاء للزيارات التطبيعية.

ولكن، قبل أن يُلبي أحدًا نداء القاضي محمود الهبّاش وغيره، لعلّه من الضروري أن يفكر بتلك الزيارة من جميع زواياها وأهمها من هو المستفيد من تلك الزيارة؟؟

وهنا وجب الرد والتوضيح لكل من يسأل أو يحاول التبرير، ولننطلق من الإجابة على السؤال التالي: لماذا تعتبر زيارة القدس المحتلة تطبيع مع العدو الصهيوني؟

للتذكير، تعود أول زيارة للقدس بعد احتلالها إلى العام 1977 عندما زارها رئيس مصر الأسبق أنور السادات حيث مهدّت تلك الزيارة وما رافقها من لقاءات إلى توقيع معاهدة “كامب ديفيد” بعد أقل من عام، وبعد ذلك أقرّت جامعة الدول العربية بأن زيارة القدس ومقدساتها يعد تطبيعًا مع العدو واعترافًا به وانعكس ذلك القرار على عدد كبير من دور الإفتاء وتم الالتزام به.

كما أن زيارة القدس ليس الهدف منها التضامن مع الشعب الفلسطيني ولا نصرة المدينة المقدسة، فالزيارات للمسجد الاقصى والقدس تحت حماية ضباط الشاباك تصب في مصلحة “شرعنة” الاحتلال على المدينة المقدسة، فالقدس ليست بحاجة للزيارات كي نعرف أنها ترزح تحت الاحتلال!

ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن الزيارات تتم عبر الباب المعروف بالمغاربة، وهو أول باب احتل عام 67، وهذا الباب مقتصر على استخدام الاحتلال ومستوطنيه الذين يمارسون أبشع اشكال الانتهاك للقدس ومقدساتها وخاصة المسجد الأقصى، ويُمنع المقدسيون من الدخول عبره!!

فضلًا عن أن زيارة القدس من خلال فيزا “إسرائيلية” تعني الاعتراف بأن القدس تتبع للكيان الصهيوني؛ وبالتالي فإن المستفيد من تلك الزيارات هو الاحتلال الذي يحاول دائما تبييض جرائمه وإرهابه وتهويداته للقدس وغيرها من خلال جلب السُياح وخاصة العرب، فزيارة القدس ومقدساتها لا تختلف عن الذهاب إلى “تل أبيب” أو يافا المحتلة أو حيفا المحتلة لإقامة حفلات فنية أو المشاركة في فعاليات أكاديمية وثقافية كما لا تختلف عن الذهاب للعمل في “إيلات”، أم الرشراش المحتلة.

الفتاوى الدينية يجب أن تخدم القضايا الوطنية لا أن يتم توظيفها لصالح تبييض جرائم العدو والاعتراف بـ” شرعنة” وجوده.

أما خلاصة القول، سأضعها على النحو التالي: إذا كانت الزيارة من شأنها كما يتحجج من يروّج لها بأنها ستحقق التضامن مع الأهل هناك، فإن العدو سيستخدم تلك الزيارة في كل المحافل بل سيستفيد من الصور التي التُقطت للزائرين عند المعابد ويضيفها إلى رصيده الذي يحاول تعزيزه بأن يُظهر نفسه على أنه “دولة” تحترم الأديان ويرتادها الزوّار من كل مكان وتحميهم وتحترم طقوسهم الدينية!!!

شارك المقال
متابعة
- عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية - منسق تجمع اتحرّك لمجابهة التطبيع - أمين سر حملة غاز العدو احتلال