34 عاماً على انتفاضة الحجارة الفلسطينية

نداء الوطن
4 دقيقة وقت القراءة
انتفاضة الحجارة الفلسطينية

يصادف الثامن من كانون الأول من كل عام، ذكرى انتفاضة الحجارة الفلسطينية التي تفجرت في كافة مدن وقرى فلسطين المحتلة، مثل هذا اليوم من عام 1987 ضد الاحتلال الصهيوني، واستمرت حتى عام 1994.

وأطلق اسم انتفاضة الحجارة عليها، كون أن السلاح الفلسطيني فيها كان الحجر مقابل الأسلحة الرشاشة.

الشرارة الأولى لـ انتفاضة الحجارة الفلسطينية

انطلقت انتفاضة الحجارة عام 1987 من مخيم جباليا في قطاع غزة، عقب استشهاد أربعة عمال قرب حاجز بيت حانون “ايريز” الذي يفصل قطاع غزة عن الأراضي المحتلة منذ عام 1948 ، بعد أن أقدم المستوطن المتطرف “هرتسل بوكبزا” بدهسهم بشاحنته.

وسرعان ما فجر هذا الحادث الغضب الكامن في نفوس الفلسطينيين؛ فتحولت مسيرة تشييع الشهداء إلى مظاهرة غضب واسعة رشق خلالها السكان جنود الاحتلال بالحجارة، والذين ردوا بإطلاق الرصاص وتدخلت مروحيات الاحتلال لتطلق القنابل المسيلة للدموع لتفريق آلاف المشاركين في التشييع، لتسفر تلك الأحداث عن ارتقاء عدد من الشهداء والجرحى، لتمتد الشرارة بعد ذلك إلى كل مخيمات ومدن القطاع ومنها إلى الضفة الغربية، لنصبح أمام انتفاضة شعبية حقيقية حملت الحجر.

وتطورت وسائل وعمليات المقاومة النوعية خلال الانتفاضة، فتدريجيًا تحولت الإضرابات والمظاهرات ورمي الحجارة واستخدام المقاليع إلى هجمات بالسكاكين والأسلحة النارية، وقتْل لعملاء الاحتلال، وأسر وقتل الضباط والجنود والمستوطنين.

وعلى مدار 79 شهرًا ما بين عام 1987 وعام 1994 الذي شهد تراجع ذروة الانتفاضة مع قدوم السلطة الوطنية من الخارج وما لعبته من دور في الالتفاف حول أهداف الانتفاضة، قدّم الشعب الفلسطيني وفق إحصاءات رسمية حقوقية 1376 شهيدًا فلسطينيًّا، فيما تتحدث إحصاءات أخرى أن عدد الشهداء تجاوز 1500 شهيد، بينما قتل 94 صهيونيًّا في عمليات ثأرية نفذتها الفصائل الفلسطينية أو شبان فلسطينيون غاضبون من جرائم الاحتلال.

وخلال الانتفاضة الحجارة الفلسطينية شنّت قوات الاحتلال حملات واسعة كانت تعتقد أنها ستؤدي لوقف الانتفاضة دون جدوى، حتى بلغ عدد المعتقلين منذ اندلاع الانتفاضة حتى منتصف 1994 قرابة (200 ألف) مواطن، أي بمعدل ثلاثين ألف حالة اعتقال في العام الواحد، حيث فتحت معتقلات “كيستعوت” في النقب لتستوعب الأعداد الكبيرة من المعتقلين، فيما جرى إبعاد ما لا يقل عن ألف فلسطيني عن أرضهم للخارج.

https://www.instagram.com/tv/CAOLJ_4nA78/
انتفاضة الحجارة الفلسطينية

إحياء القضية الفلسطينية

ويرى محللون ومراقبون أن انتفاضة الحجارة أعادت القضية الفلسطينية للواجهة بعد أن عملت قوات الاحتلال على مدار سنوات على تغييبها وإسقاطها من مختلف الأجندات، ضمن سياسة واضحة بمحاولة تدجين المجتمع الفلسطيني بالكامل وتحويله إلى مجتمع هشّ يقبل بالكيان الصهيوني.

استنهاض شعبي

وبالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون في هذه الانتفاضة إلّا أنها شكّلت حالة فريدة في الاستنهاض الشعبي لمواجهة المحتل، وإعادة البوصلة نحو حقيقة الصراع مع المحتل، في ظل حالة من التوحد والتكاتف الشعبي غير المسبوق رغم تباينات المواقف واختلاف المشارب الفكرية.

تأثيرها على الاحتلال

كسبت الانتفاضة الفلسطينية تعاطفًا دوليًا كبيرًا، فكانت الصور التي يلتقطها الصحفيون عن تنكيل الصهاينة بالفلسطينيين، تعطي صورة مختلفة للشعوب الغربية عن حقيقة الكيان الصهيوني رغم محاولاته للتعتيم عليها..

ومن المشاهد التي التقطتها كاميرات الصحافة، لجنود يضربون فلسطينيَين اثنين، بوحشية، مستخدمين الحجارة بهدف تكسير أطرافهم، تنفيذا لسياسة “تكسير العظام” من أيقونات الانتفاضة الأولى.

وتسبب ذلك المشهد، الذي وقع في 26 شباط/ فبراير عام 1988، ردود فعل كبيرة على المستوى الدولي.

من جهة أخرى، بدأت لأول مرة في كيان الاحتلال هجرة معاكسة، بسبب خوف المستوطنين من الاحتجاجات، وأصبح اليهود يفضلون الهجرة إلى الاتحاد السوفييتي بدلًا من الكيان.

كما انقسمت الأحزاب السياسية الصهيونية إلى أحزاب تدعو إلى العنف والشدة مثل “الليكود”، وأحزاب يسارية تدعو للتفاوض مع الفلسطينيين وعدم استعمال العنف ضدهم.

انتهت “انتفاضة الحجارة” عام 1993، مع توقيع اتفاقية “أوسلو” المشؤومة للسلام بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، بعد أن راح ضحيتها حوالي 1262 شهيدًا بينهم، 241 طفلًا.

شارك المقال
متابعة
محرر في صحيفة نداء الوطن