تداولت بعض المواقع الإلكترونية أخبار مشروع جديد لتسوية النزاع “الفلسطيني- الإسرائيلي” يعمل عليه كل من يوسي بيلين “صاحب مشروع التسوية القديم مع ياسر عبد ربه”، وهبة الحسيني “مستشارة في وفد ياسر عرفات في التحضيرات لاتفاق أوسلو”.
تقوم فكرة المشروع على إنشاء دولة اتحاد كونفدرالي، تتشكل من دولتين، “إسرائيلية” تضم كامل الأرض المحتلة منذ العام 1948، مضافًا إليها المستوطنات الصهيونية الكبيرة، والملاصقة لخط الهدنة المرسوم منذ احداث حرب 1948، ودولة فلسطينية، تضم الأراضي المحتلة في العام 1967، باستثناء المستوطنات الكبيرة التي أضيفت إلى “الدولة الإسرائيلية” حسب ما يطرح في هذا المشروع.
وفي مقابل مساحة المستوطنات التي سيتم ضمها “للدولة الإسرائيلية”، يتم تبادل أراضي بمساحة متساوية تضم إلى حدود الدولة الفلسطينية.
تفترض خطة يوسي بيلين – هبة الحسيني اعتبار القدس عاصمة للدولتين، مع بقائها كمدينة مفتوحة، وتحديد سلطات كل من الدولتين “الإسرائيلية” والفلسطينية على إحياء المدينة ضمن ترتيبات يتم الاتفاق عليها بين الطرفين “الإسرائيلي” والفلسطيني.
كما تفترض الخطة إبقاء المستوطنين اليهود في المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية كمقيمين دائمين، مع تمتعهم وحفاظهم على المواطنة “الجنسية الإسرائيلية”. وبالمقابل، السماح لعدد مماثل من اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في مخيمات الضفة الغربية، الانتقال إلى داخل حدود “الدولة الإسرائيلية” كمقيمين دائمين، مع الحفاظ على مواطنتهم (الجنسية) كفلسطينيين، تابعين للدولة الفلسطينية.
تفترض الدراسة أن تكون الحكومة الاتحادية مسؤولة عن كافة شؤون الأمن والدفاع والحدود، والبنية التحتية من منطلق توحيد المعايير والإجراءات المتبعة.
لا يعرف يوسي بيلين فرصة تقبل وتبني مقترحاته من قبل الكيان الصهيوني. بينما تعي هبة الحسيني انها طرحت المشروع على القيادة الفلسطينية، محمود عباس ومن حوله، وانهم ابدوا موافقتهم على هذا المشروع.
هناك كثير من العقبات المتوقعة بخصوص حرية التنقل بين الدولتين من قبل مواطني كل منهما، إضافة إلى حرية تنقل المقيمين الذين يتمتعون بجنسية الدولة الأخرى. إضافة إلى مشكلات أمنية متوقعة على المستوى الجنائي، وعلى المستوى القومي، بما يعكس القلق من عدم استقرار عام للاتحاد الكونفدرالي.
هناك عناوين أخرى لم يتم كشفها حاليًا، لكنها طرحت من خلال منصات أخرى، تفترض أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وان يتولى الكيان الإشراف على الحدود والمعابر، وتحدد من الذين يسمح لهم دخول أراضي الدولة الفلسطينية من الخارج، سواء للزيارة أو بقصد الإقامة.
تنطلق كل مشاريع التسوية المطروحة من احتفاظ الجانب الصهيوني بكل المكاسب التي حققها على الأرض، التوسع الاستيطاني، السيطرة على الحدود، السيطرة على الموارد المائية وغيرها، مع التخلص من عبء المشكلات الأمنية التي يسببها الاحتلال. هذا بالإضافة إلى التخلص من الضغوط الدولية التي تواجهها حكومات الكيان بسبب الاحتلال، والممارسات القمعية بحق الشعب الفلسطيني.
لا يوجد داخل المجتمع الصهيوني تقبل لإخلاء المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967، ولا يوجد تقبل للتخلي عن السيطرة على مدينة القدس، ولا يوجد تقبل لإعادة أي عدد من اللاجئين الفلسطينيين إلى داخل الأراضي المحتلة منذ العام 1948.
رغم حاجة الكيان الملحة للتخلص من حالة الحرب والمواجهة مع الفلسطينيين، لما لها من انعكاسات على استقرار ومستقبله، ولما تتركه من آثار سلبية على مستقبل الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وازدياد الهجرة اليهودية المعاكسة. فإن حكومات الكيان من جهة، وجمهوره المتشبع بالأفكار اليمينية المتشددة، واتساع دور وتأثير المستوطنين ورعاتهم في مؤسسات الدولة، وبين جمهورها، فانه من غير الوارد توفر الظروف المناسبة للقبول “الإسرائيلي” الرسمي أو الشعبي بتسويات تعطي للشعب الفلسطيني قدرًا معقولًا من حقوقه.
من هنا، تبدو هذه المشاريع كشطحات فكرية، لا تجد لها فرصة للتطبيق في واقع الأمر.