حوالي أسبوع على إعلان محكمة العدل الدولية.. أين وصلنا؟!

د.موسى العزب
3 دقيقة وقت القراءة

أمام هول الجرائم ووحشيتها وإلحاحيتها، وحجم المعاناة في قطاع غزة، كانت توقعات الكثيرين تعلو حقيقة عما صدر عن هيئة محكمة العدل الدولية، ولكننا في نفس الوقت لم نقلل من أهمية قرار “المحكمة” خاصة بتوجيهها تهمة الإبادة الجماعية، ووضعها الكيان الصهيوني في قفص الاتهام، وسجل هذا كمكسب تاريخي للشعب الفلسطيني وعدالة قضيته، يصدر من أعلى هيئة قضائية للأمم المتحدة، وعلينا الآن أن نبحث عن سد ثغراته، والدفع باتجاه تفعيل آليات لتنفيذه.

الخطوة الشجاعة لجمهورية جنوب أفريقيا كانت مهمة للغاية، فقد استطاعت تشكيل قناعة عند عدد كافٍ من القضاة بأن ما جرى ويجري في غزة يحمل ما يكفي من الأدلة والبراهين باعتباره يشكل أدلة مقنعة بدخول الكيان وداعميه في مخاطر الإبادة الجماعية، وعلى هذا الأساس تم قبول القضية من ناحية الاختصاص، والحيثيات، والأركان القانونية، وبناء على ذلك أقرت المحكمة مجموعة من الإجراءات الوقائية الطارئة لوقف اعمال الإبادة، والعمل على ضمانة وصول المعونات الإنسانية لداخل القطاع، ووضعت الأسس لإجراء محاكمة قانونية متكاملة لترسيم الإدانة، ومن المتوقع أن يعقد مجلس الأمن اجتماعا مساء اليوم الأربعاء لبحث قرار المحكمة، علما بأننا لم نرَ حتى الآن خطوات عملية ملموسة لإيقاف الفظاعات التي ترتكب كل يوم في القطاع!!

محكمة العدل الدولية في واجباتها وبنيتها، ليست مؤسسة سياسية تتخذ قراراتها بديلا عن الدول، بل هي هيئة قضائية بمرجعية القانون الدولي، بنت قضيتها ارتكازا على شكوى قدمت حسب الأصول بمرجعية “إتفاقية منع الإبادة الجماعية”، وقد صدر قرارها بإسم المنظمة الدولية.

d6476c2c c2d0

ما أقرته المحكمة، وحجم ارتداداته الكبيرة اللاحقة، أظهر بأن الحدث قد تجاوز كثيرا حدود غزة، وحدود فلسطين، وارتقى إلى مستوى الإنسانية والعالم، ولم يعد محصورا بين دولة الاحتلال وجمهورية جنوب أفريقيا، وأصبح لزاما على المجتمع الدولي أن يتحرك لإدانة العدوان ووقفه، وردع الدول التي تساند المعتدي وتلك التي تصمت عن جرائمه.

الأهم من رفض أو قبول القرار القضائي الدولي علينا قراءة أبعاده، وبحث السبل التي من الممكن أن تفيد في جعل هذا القرار القضائي مدخلاً لتطوير أدوات المواجهة في المجال الإعلامي والسياسي، والإسراع في تفعيل الآليات القانونية والإجرائية لوقف تقديم أي مساعدات مادية او اقتصادية أو تسليحية لدولة الابادة، سيما وأن قرارات المحكمة الدولية تشمل الحكومات والدول والأمم بمجملها، وليس الحكومات فحسب، وإن حصلت الإدانة فإنها تلحق بجميع هذه الحلقات، كما أن واجب التنفيذ يشمل الجميع.

التحدي العملي الآن يفرض المتابعة الجدية لجلسات مجلس الأمن، مع تفعيل دور الدول الحليفة والصديقة لوضع آليات عملية لترجمة بنود قرار المحكمة، وبلورة أدوات تحشيد وفعل ميدانية لأصدقاء القضية، وتنظيم ومضاعفة الضغط في المستويين الشعبي والرسمي.

ويبقى الرهان الحقيقي على صمود المقاومة وحواضنها وفعاليتها في الميدان، ونحن في الأردن نؤكد على واجب الحكومة القانوني والأخلاقي والقومي، بضرورة قطع العلاقات بكل انواعها مع العدو الصهيوني، ووقف كل أشكال التعاون معه، وبذل كل الممكن من أجل إغاثة ودعم الشعب الفلسطيني..

شارك المقال
متابعة
  • الدكتور موسى محمد عبد السلام العزب
  • * مواليد عمان/ في 2 أيار 1951.
  • * حاصل على شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة وهران/ الجزائر في العام 1978.
  • * عمل في المستشفيات والمراكز الطبية للهلال الأحمر الفلسطيني في سورية ولبنان، حتى العام 1982.
  • * حاصل على شهادة التخصص العليا في أمراض النساء والتوليد من الجامعات الفرنسية عام 1986.
  • * عمل طبيباً إختصاصياً لأمراض النساء والتوليد في مستشفى الهلال الأحمر الأردني لمدة 25 عاما، وعيادة خاصة حتى اليوم.
  • * عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني.
  • * منسق الحملة الوطنية، "صحتنا حق".
  • * ناشط إجتماعي ونقابي وسياسي وإعلامي، لمدة تمتد لأربعة عقود.