يرحلون بإتجاه الغيم الآتي
من ذاكرة القرى الهاربة من التيه
يحملون حقيبة تلو أخرى ذاهلين
من جدار عتيق تداعى
و احلام فتية تبعثرت في الروابي
لم تكن الشفاه جاهزة للهمسات
في الخامس من تشرين تاخذنا الخطى
إلى ينابيع الظلال
و الشيخ الضرير يباغتهم بالحكمة الباذخة:
باقون هنا كالشجر السامق في الجنوب
لاحفادنا بهاء الفكرة و كبرياء المعنى
العشاق لا تهمهم حرب هنا و عاصفة هناك
تلتقي الأجساد و الأرواح في الضفة الأخرى
من ذاكرة النور
إنتصف الليل و لم يأت المدد
لا خوف لي من الأفق البعيد
الأحداق
الكوابيس
عشق الفتى للورقات المكتوبة بحبر
الانحياز
ذهاب العسكر الى حروب عبثية
خروج الشبيبة من حدود بلاد غابت عنها
اقواس الحقيقة
يرحلون إلى زمن تداعت فيه المرايا
و صارت نوافذ الضوء ملاذا
للعابرين
ربما نسيت أو تناست امراة النور
كيف تحكي لاولاد الزقاق العتيق
ملحمة الأجداد قبل هطول المطر الغزير
و انسحاب الغزاة الشقر من لهيب
المعركة
يرحلون إلى مدن غابت عنها الينابيع
لم يكونوا فرسانا للكلام
أو عشاقا لانفلات الحبر في مدح النور الطالع
من قبو قديم
فرادى يعبرون الجسر قبل مرور العاصفة
لم ينسوا ذاكرة القرى
حقيبة الشيخ الضرير
موسيقى الجاز
ثمار الحديقة المنسية
وصايا الأم للطفل الشريد
حكايا الصبايا في ليلة ماطرة
إنتصف الليل و لم يكتمل العناق الطويل
طلع النهار و لم يأت المدد
ربما صار الجسد الهزيل مزارا
لمن ناموا في العراء
هنا ذاكرة المرايا و انفتاح الأقاليم
على الشجر الحزين و الينابيع
لعبور الجسر مباهج
و لاخضرار الروح طقوس و هواجس
فتيان القرى المنسية ٫كانوا وراء التلال
يحملون حقيبة تلو أخرى
لا شيء على الأكتاف
سوى حنين الأجساد للزقاق القديم
ذاكرة الأيام
هروب الفتية من صقيع الضواحي
كانهم جاؤوا من زمن بعيد
و ارتماء الجسد في اليم العتيق
كان لزاما على الفتيان ان يعبروا الجسر
فرادى
هناك حذو العربات القديمة
تتعالى الأصوات
ترتبك الأصابع
تكتب الأنامل النشيد المشاكس
هنا قرب الشيخ الضرير٫تمر القوافل
معلنة ذهاب الكلام الذهبي إلى ضفة الرؤيا
إنتصف الليل و لم يكتمل العناق الطويل
صارت الأجساد كفاكهة الشتاء
و امطار زمن المماليك
سريعا تاتي العواصف
قبل عبور أولاد القرى الجسر المتاخم
للانين
و متاهة المشهد
لا خوف للفتية من ضباع الشوارع
لا خوف للبلاد من ضباب مباغت……
تونس – 2022/11/23