لم يخطر على بالي ولو للحظه واحدة أن هذا الهيجان الغربي كله حرصًا على سيادة أوكرانيا واستقلالها. وأن هذه الدموع ليست إلا دموع التماسيح، لأن شواهد التاريخ كثيرة التي تفضح ذاك الهيجان وتكشف زيفه. ولا أعتقد أن الغرب نسي محنة العراق وكيف مارس وزير خارجية أمريكا الكذب بصورة مفضوحة بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل في محاولة لتبرير العدوان على العراق الشقيق.
ما يثير الانتباه هو العقل العربي الذي تساوق مع الفزعة الغربية الكاذبة بناء على مبررات كاذبه لدور روسي هنا أو هناك.
أرى أن مشكلتنا تكمن في عدم القدرة على تحديد تناقضنا الرئيس الأمر الذي يضعنا في مواقف على الضد من مصالحنا.
والمسالة الأخرى تكمن بتأثرنا الشديد بالضخ الإعلامي وعجزنا عن التمييز بين الغث والسمين، وبين ما هو عقلاني ويتلاءم مع مصالحنا وبين ما هو سمعي يخدم العدو.
لا أعتقد أن هناك ضرورة كذلك لتبيان تبعية انظمتنا مع الموقف الأمريكي والخضوع لمشيئته في الانسياق مع دول القطيع مع السيد الأمريكي.
هل نحن بحاجه للتأكيد إلى اننا ضد العدوان ونحن أكثر شعوب الأرض التي عانت وتعاني من عدوان الغرب الذي يبكي على أوكرانيا؟
ما جري ليس إلا صخرة كبيرة ألقيت في بركة راكدة. استمرأ الغرب ديمومة الحال والعيش في ظلال العصر الأمريكي كما بشر بذلك المحافظين الجدد. عصر مارست فيه أمريكيا كل جبروتها وعنجهيتها ضد شعوب الكرة الأرضية كافة. ورسمت تصنيفاتها وفق رؤيتها. من يقول لا لهيمنتها فهو من محور الشر ومارق. ومن يمارس الخنوع والانضباط لمشيئتها يحظى برضاها. (رضا السيد على العبد).
ما جرى أن بوتن رفض إلغاء دوره وممارسة حقه بالحفاظ على أمن بلده، وجاء ليقول أن استمرار الحال على ما هو عليه محال. وان عصر التفرد الأمريكي قد ولى.
ما يجري هو محاولة قوى التفرد بالتمسك بالقديم لمنع الجديد القادم. لهذا جاء الرد الهستيري على بوتن.
انه رعب التغيير والحفاظ على هيمنة الكاوبوي الأمريكي.
نعم العالم في طريقه للتغير، وسرعة التغيير تعتمد على تعاون القوى الطامحة والساعية للتغيير.
لحظه هامة يجب الدفع بها لإزاحة الأمريكي عن تربعه على قمة العالم.
المشكلة عندنا كعرب، ما هو دورنا؟ هل نساهم بالنقلة العالمية لأحداث التغيير أم أن عقلية عبيد المنازل ستسود.
نحن كعرب أمام منعطف تاريخي هام سيكون له تداعيات خطيرة جدًا على نضالنا وسعينا للتحرر والنهوض.
طريق التحرر واضح وطريق الرضا بعبيد المنال، وتميزهم عن عبيد المزارع. كذلك واضح علينا أن نختار التناقض الرئيسي مع أمريكا والقوى الاستعمارية الداعمة للمشروع الصهيوني بل الشريكة في صنعه.
علينا أن نغادر الوهم والوثوق بوعود الغرب وان نساهم في صناعة التاريخ فهذا درب الأحرار وصناع الحرية.