كتبت أول أمس: “أقل من يوم يفصلنا عن انطلاقة الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، وتبدوا الأمور غير مؤكدة، وإن كانت “التهيئة” منذ شهور، قد عملت على وضع إيمانويل ماكرون، ومارين لوبين في الجولة الثانية”.. “وإن كان هناك كمين يصنعه بإصرار، اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون، ليحصل على فرصة التواجد في الجولة الثانية”.
الديمقراطية البرجوازية الغربية، بلغت مرحلة باتت من خلالها تُجهَّز وتُطبخ سلفاً في مراكز رسم توجهيات الرأي العام، وتُحدد نتائجها مسبقا -وإلى حد كبير- حسب رؤى القطب الرأسمالي المسيطر، قبل أن يتم إخراجها النهائي بشكل أنيق ومبهرج، عبر صناديق الاقتراع.
النيوليبرالي ماكرون في الانتخابات السابقة والحالية، هو صنيعة روتشيلد وروكفلر، وجاء بقوة هيمنة رأس المال المالي وسطوة البنوك والمصارف على الإعلام، والفضاء السياسي الفرنسي.
ورُتِّبت الانتخابات الحالية بحيث تكون الجولة الثانية بين ماكرون ومارين لوبين أيضا، وبفارق نسبة تصويتية معقولة لصالح ماكرون، وبدت المهمة الأصعب أمام الماكينة الانتخابية في هذه الجولة، تكمن في العمل على إبعاد اليساري الراديكالي ميلانشون عن التواجد في الجولة الثانية، لأن محركي الانتخابات كانوا يدركون بأن هذا “الذئب” المتمرد على النظام السياسي الفرنسي، هو الوحيد الذي يمتلك الإمكانية، والبديل، واللحظة التاريخية لهزيمة ماكرون في الجولة الثانية.
في الجولة القادمة، هناك شبه أغلبية فرنسية تدرك حاليا، بأن “يمين” ماكرون النيوليبرالي المتوحش، أكثر خطرا وضررا على الدولة والمجتمع الفرنسي من يمين لوبين العنصري. إلا أنه سيتم الآن تحريك لعبة؛ ضرورة إبعاد لوبين عن المنافسة، عن طريق طرح شعار “إعلاء السدود أمام اليمين المتطرف العنصري”، والتوجه لماكرون كخيار “أقل ضررا”!!
وبعد ظهور النتائج النهائية، يبدأ على الفور تسديد “المقايضات”، حيث يصطف أفيال السياسة الفرنسية أمام سيد الإليزيه ليقبضوا ثمن “تعاونهم”، على شكل حقائب وزارية، ومناصب عليا، ومشاركة في كوتات قوائم الأغلبية، للانتخابات التشريعية والمحلية.