منذ أيام أُثيرت ولا تزال قضية مشاركة نادي الوحدات في ملحق دوري أبطال آسيا وتحديدًا مباراته ضد نادي شباب الأهلي الإماراتي على خلفية وجود لاعب من فلسطينيي الـ 48 كان قد لعب مع منتخب الكيان الصهيوني، ولعب مع أكثر من نادٍ “إسرائيلي”، والسؤال الأبرز الذي يشغل معظم المتابعين من جماهير النادي، هل ينسحب الوحدات من البطولة أم يستمر فيها؟ وبالتالي هل مشاركته في البطولة تعتبر فعلًا تطبيعيًّا أم لا؟
هناك تضارب في الآراء اجتاحت ولا تزال مواقع التواصل الإجتماعي، ولهذا يجب أن يكون هناك موقفًا يستند على معايير مناهضة التطبيع، بعيدًا عن اتهامات تُدين أو فتاوى تُبرِّر؛ ولأن الأفعال التطبيعية لا تخضع للرأي والرأي الآخر، بل يجب أن تكون نابعة عن مبادئ العداء للعدو بالدرجة الأولى والأخيرة.
وعليه، فإنني أورد هذا التوضيح وبالنقاط التالية:
- معايير مقاومة التطبيع والمقاطعة كانت قد استثنت أهلنا في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، والذين يُفرض عليهم التطبيع القسريّ، يحملون الجنسيّة “الإسرائيلية”، ويدرسون في مدارس وجامعات الاحتلال، ويعملون في مؤسساته ويدفعون الضرائب وغير ذلك، ما لم يروّجون للصهيونية أو للتطبيع العربي “الإسرائيلي”، فضلًا عن أنه يحظر عليهم التطبيع الاختياري، أي تمثيل “إسرائيل” بالفعاليات الفنيّة أو الرياضيّة أو الثقافيّة،… إلخ، في المحافل الدوليّة.
- اللاعب مؤنس دبور، وبالعودة إلى مسيرته الرياضيّة، فإنه كان قد مثّل لعدة سنوات منتخب الكيان الصهيوني، وعدد من أندية الكيان الصهيوني، بمعنى أنه ارتكب أفعالًا تطبيعيّة ليست مفروضة عليه، أي أنها اختياريّة. وهذا صحيح.
- اللاعب كان قد انتقل منذ العام 2014 للعب في عدد من الأندية الأوروبيّة، وكان آخرها حتى العام 2022 مع نادي ألماني، أي أن توقيع عقده من النادي الأهلي الإماراتي لم يكن مع نادي “إسرائيلي”، وبالتالي لم يستفد الاحتلال أو أيّ من مؤسساته من قيمة الصفقة.
- اللاعب كان قد أعلن اعتزاله من منتخب الكيان الصهيوني قبل أكثر من عام، وذلك على اثر إعلانه موقف دعم فيه القدس، تزامنًا مع انطلاق ما يسمى بـ “مسيرة الأعلام”، وأدان الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وقد طُلب منه “اسرائيليًّا” الإعتذار عن هذا الموقف، وهذا ما لم يحدث، وكان انسحابه واعتزاله ردًّا على دعوات “تجريمه” من قِبل الجماهير الرياضية في الكيان الصهيوني.
- لطالما كانت مسؤولية ودور لجان مقاومة التطبيع توعويّة بالدرجة الأولى، لا تُبرِّر التطبيع، ولا تنزلق في تمييع معاييره تحت أيّ اعتبار، وبنفس الوقت فإنها ترتكز على أسس ومنهجيّة، والأهم من ذلك، أن لا ينحصر دورها في زيادة عدد المُطبِّعين وتعليق مشانق لهم، بل يجب أن تكسب كل من أعلن عدوله عن أفعاله التطبيعيّة، فالمكسب للجان مقاومة التطبيع هو عودة كل من ارتكب خطيئة التطبيع عن الأفعال التطبيعية والاعتذار عنها، وبالتالي الخاسر هو الاحتلال، وذلك كون العدو يسعى دائمًا لكسر الحاجز العدائيّ والنفسيّ مع كل من يعترف به، وبالتالي يشعر بأنه اقترب أكثر من حلمه المتمثل ليس بوجوده بل بـ”مشروعيّة” وجوده.
وبناءً على ما سبق، ولأن اللاعب ليس صهيونيًّا من الأساس، وليس قادمًا من نادي “إسرائيلي”، ولأنه أعلن عن اعتزاله اللعب مع منتخب الكيان الصهيوني، فإنه ووفقًا لأسس ومعايير المقاطعة ومناهضة التطبيع، ما لم يظهر أو يستجد غير ما ذُكر من معلومات متعلقة باللاعب، فإن مشاركة نادي الوحدات في البطولة، أو اللعب في مواجهة النادي الإماراتي، ليست مُدانه ولا تخرق معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع.