في زمن التحديات، وفي مقدمتها تحدي التوسع في بسط المشروع الاستعماري الانجلوساكسوني الصهيوني وهيمنته على سيادة ومقدرات حاضر ومستقبل أمتنا العربية ومكوناتها الفكرية والثقافية المتنوعة، لا بد من عدم فقدان البوصلة التي تحدد اتجاهات الصراع، ولا بد من أن ندرك ونمسك بعناصر القوة التي نمتلكها، وأن لا نتخلى في لحظة سهو، عن قدرتنا الذهنية في قراءة المشهد كما هو، وعدم الوقوع في فخ الضباب المفتعل لإيهامنا بأننا أصبحنا أكثر ضعفاً، وأن لا مناص لنا إلا بتقديم التنازل عن ثوابتنا وحقوقنا وتاريخنا، وأن نتنكر لكل الدماء والشهداء والتضحيات “لننجو بذاتنا الفردية”.
لذلك نقول ، بأننا وبرغم صعوبة ودقة وتعقيد المرحلة، واعتقاد العدو الأمريكي البريطاني الصهيوني انه ينتصر، وهو لم ينتصر، واعتقاده هو بأنه هَزَمنا، ونحن لم نُهزم، واعتقاد بعضنا أن عصاتنا قد كُسرت، وهي لم تُكسر، فالحقيقة الموضوعية بمقاييس الكم والنوع تقول، أن “الطوفان” و”الإسناد” و”الصمود” و “الرفض” قد نقلونا، شاء من شاء وأبى من أبى، إلى مربع الندية في الموقف، بعدم الإذعان وإدراك مكامن قوة ذاتِنا، وفي مقدمتها، تمسكنا بكرامتنا ونهج وثقافة “حقنا في المقاومة”، وقدرة مقاومتنا العربية الإسلامية على فرض المعادلات، وكشف مكنونات الضعف الإستراتيجي للعدو، الذي تبين لكل ذي بصيرة أنه تمادى في اعتقاده أن القدرة على البطش والقوة الغاشمة وكل مقومات التدمير التي تجاوزت حدود الإبادة ستمكنه من انتزاع استسلامنا واذعاننا، وليكتشف تدريجياً، أنه أمام حالة مختلفة، لا تستسلم، ولا تذعن، وتستمر في تقديم صور الندية واحدة تلو الأخرى، وتقول له أعلى ما في خيلك اركب، فنحن ملح الأرض، من اليمن العملاق إلى لبنان المقاومة العظيم، إلى فلسطين المقاومة الأسطورة، هذا الثلاثي الذهبي، ونحن في قلبه هو من سيحدد المسار، وللتأكيد أقول، ان محطة نكبة فلسطين١٩٤٨، ومحطة نكسة حزيران ١٩٦٧، ومحطة اجتياح لبنان وحصار بيروت ١٩٨٢، كانت أصعب وأقسى ممكن نحن عليه الآن بما لا يقاس، فإذا كنا قد نجحنا في هزيمة هزيمتنا في تلك المحطات الأخطر والأصعب، فما الذي سيحول دون تحويلنا لصمودنا وثباتنا منذ السابع من أكتوبر إلى انجازات تراكمية بالنقاط ، على طريق الانتصار.
بالتأكيد لا ترامب، ولا نتنياهو، ولا المشروع الذي انتدبهما لتنفيذه سيتمكنون من ذلك..
صبراً، وأناة، ووضوح رؤيا، وثقة بالذات هو المطلوب منا جميعاً.