تجري تركيا الخميس المرحلة الأخيرة من المحاكمة الغيابية لـ26 مشتبها على صلة بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول قبل إحالة القضية إلى الرياض، في قرار قوبل بتنديدات من منظمات حقوقية.
وقُتل الصحافي البالغ 59 عاما والذي كتب مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” انتقد فيها ولي العهد السعودي محمّد بن سلمان، في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر عام 2018 في عملية قطّعت فيها أوصاله أحدثت صدمة في العالم.
وبدأت المحاكمة في تركيا عام 2020 في ظل توتر في العلاقات بين القوتين الإقليميتين.
لكن في وقت تسعى تركيا لجذب استثمارات تساعدها على تجاوز أزمتها الاقتصادية، سعت حكومتها لطي صفحة الخلاف مع الرياض.
وقال وزير العدل التركي بكير بوزداغ الأسبوع الماضي إنه سيوافق على طلب المدعي العام إحالة القضية إلى السعودية.
وأفاد المدعي أن القضية “طال أمدها” نظرا إلى أنه لا يمكن تطبيق أوامر المحكمة لكون المتّهمين أجانب.
لكن “هيومن رايتس ووتش” نددت بأنقرة الأربعاء، معتبرة أن القرار “يضع حدّا لأي احتمال لتحقيق العدالة”.
– “الإفلات من العقاب” –
وأفاد نائب مدير قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش” مايكل بيج أن إحالة القضية “سيعزز الاعتقاد السائد لدى السلطات السعودية على ما يبدو بأن بإمكانها ارتكاب عملية قتل والإفلات من العقاب”.
كما نددت منظمة العفو الدولية، التي حققت أمينتها العامة أنييس كالامار في عملية القتل عام 2019 عندما كانت مقررة خاصة للأمم المتحدة، بشدّة بقرار الحكومة التركية.
وقالت “ستُرسل تركيا عن عِلم وبشكل طوعي (الملف) إلى أيدي من يتحملون مسؤولية” مقتل خاشقجي.
وخلصت كالامار في تقريرها المكوّن من 101 صفحة للأمم المتحدة إلى وجود “أدلة موثوقة” على علاقة الأمير محمد بن سلمان بعملية القتل ومحاولة التغطية عليها.
وحكم بالإعدام على خمسة أشخاص في المملكة على خلفية مقتل خاشقجي. لكن في أيلول/سبتمبر 2020، أصدرت محكمة في الرياض أحكاما نهائية في القضية قضت بسجن ثمانية مدانين لفترات تراوح بين 20 وسبع سنوات، في تراجع عن أحكام الإعدام بعد إجراءات قضائية سريّة.
– مقاطعة –
وأثارت أنقرة استياء الرياض بمضيها قدما بالإجراءات القانونية المرتبطة بالقضية وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حينذاك إن أوامر القتل جاءت من “أعلى المستويات” في الحكومة السعودية.
وعلى مدى السنوات التي تلت، سعت الرياض بشكل غير رسمي للضغط على أنقرة اقتصاديا فقاطعت الواردات التركية.
والعام الماضي، زار وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الرياض لترميم العلاقات مع المملكة.
ومن شأن إحالة القضية إلى الرياض أن تزيل آخر عقبة في طريق تطبيع العلاقات.
لكن خطيبة خاشقجي التركية خديجة جنكيز حضّت أنقرة على الإصرار على تحقيق العدالة بغض النظر عن التقارب مع السعودية.
وقالت في مقابلة أجرتها معها فرانس برس في شباط/فبراير “على (تركيا) ألا تتخلى عن هذه القضية.. لمنع تكرار أمر كهذا”.
وكانت جنكيز خارج القنصلية بانتظار خروج خاشقجي، الذي كان يعمل على إصدار الوثائق اللازمة لإتمام زواجهما عندما قتل. ولم يعثر قط على رفاته.
وسعى إردوغان إلى تحسين العلاقات مع خصومه الإقليميين بما في ذلك مصر والإمارات العربية المتحدة في مواجهة عزلة دبلوماسية متزايدة أدت إلى تراجع كبير في الاستثمارات الأجنبية، خصوصا من الغرب.
وفي كانون الثاني/يناير، أعلن أنه يخطط لزيارة السعودية بينما كان اقتصاد بلاده يمر في مرحلة صعبة.
وبناء على بيانات رسمية صدرت الاثنين، ارتفع معدّل التضخم السنوي في تركيا إلى 61,14 في المئة.