تحت شعار تضامنا مع الأسرى ودعم المقاومة المتصاعدة في عموم فلسطين المحتلة، أقام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني يوم أمس الجمعة 14/10/2022 في مقره، مهرجانًا تضامنيًا مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام ضد سياسة الاعتقال الإداري واحتفاءً بانتصارهم في معركتهم على السجان.
وشارك في المهرجان حزبين وناشطين سياسيين وشخصيات نقابية ووطنية، حيث قدمت الرفيقة رانيا لصوي عرافة المهرجان الذي افتتح بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الأردن وفلسطين والأمة العربية، وردد الحضور النشيد العروبي “موطني”، وتخلل المهرجان معرض صور للأسرى المضربين عن الطعام ولوحات فنية عن نضالات الحركة الأسيرة كما عرض خلال المهرجان فيلم قصير توثيقي عن سياسة الاعتقال الإداري.
ورحب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية د. سعيد ذياب في كلمته بالحضور ومشاركتهم للحزب في المهرجان التضامني مع الحركة الأسيرة والأسرى الذين علقوا إضرابهم بعد أن نجحوا في تحقيق بعض مطالبهم.
وتابع ذياب بان حضورنا اليوم مساهمة متواضعة في تسليط الضوء على واقع الحركة الأسيرة والمعاناة التي يعيشها الأسرى في كل ساعة وكل يوم، الأمر الذي يجعل من حديثنا عن الأسرى هو حديث عن شعب كامل أمضى قرناً من الزمن وهو لا يزال يكافح ضد الاحتلال وجرائمه.
وأكد أن هذا الإضراب لم يكن معزولاً في حقيقته عن سياق الاحتجاج الشعبي على سياسات الاحتلال التي تتمثل في مصادرة الأرض وبناء المستوطنات والحصار والاعتقال والإعدام الميداني.
وأشار إلى أن عدد الشهداء هذا العام فقط الذين تم استهدافهم حتى هذه الأيام بلغ 171 شهيد، وان عدد المعتقلين الإداريين وصل إلى 760 أسير وأن سياسة الاعتقال الإداري يلجأ لها العدو فقط عندما يريد أن يمنع أي نشاط تحت أي ذريعة لأي مناضل فلسطيني بدون توجيه تهمة وبدون محاكمة، وله الحق وفق رؤيته بتجديد هذا الأمر على سنوات، وأن هناك العديد من المناضلين سنوات باسم الاعتقال الإداري.
وأضاف ذياب أن هذا الكيان الصهيوني لم يترك وسيلة لقمع الشعب الفلسطيني لتطويعه وكي وعيه إلا ومارسها، فاستغل أبشع ما ورثه عن الاحتلال البريطاني وطبقه على الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن هذا الإضراب الجماعي وما سبقه من إضرابات فردية وخليل عواودة والعديد من المناضلين كانت صراعاً بين إرادة الحياة والحرية لدى هؤلاء المناضلين، وسلوك الموت والجريمة الذي يجسده هذا الكيان.
وأن هؤلاء المضربون يمارسون هذا السلوك رداً على اتساع دائرة الاعتقال وسياسة التنكيل بالأسرى وعزل وتعذيب وإهانة وإهمال، هذه الصورة العامة التي يعيشها الأسرى وسط صمت عالمي معيب وصمت رسمي عربي حد الفضيحة.
وقال ذياب أن العدو الفاشي سعى لجعل السجون مكاناً للموت بشتى السبل، تماماً كالسجن الكبير الذي يعيشه الفلسطينيون في الضفة وغزة وما يعانيه شعبنا أطفالاً ونساءً شباباً وشيوخاً أرضاً وزرعاً من قمع وإرهاب متواصل، لكن الأسرى نجحوا في تحويل السجون إلى ساحة اشتباك ومقاومة ونجحوا بتحويل السجن على مدارس لبناء الكوادر الوطنية المتسلحة بالوعي والإرادة.
وذكرَ الأمين العام أنه ومنذ معركة سيف القدس يعيش شعبنا الفلسطيني حراكاً مستمراً ومتميزاً وبأشكال نضالية متنوعة واللافت للنظر هو ازدياد حالة الاشتباك المسلح وتبلور الكتائب العسكرية المدعومة بحراك شعبي، وأن هذا الطابع العام النسبي والمتواصل يمكننا من رصد أننا على أبواب انتفاضة ثالثة لا تختلف في معالمها عن الثورة الكبرى للشعب الفلسطيني عام 1936-1939.
وأن هذه الانتفاضة تتبلور معالمها كل يوم من خلال اتساع دائرة الاشتباك وتعزيز العمل النضالي المشترك، هذه ظاهرة جديدة يجب أن نقرأها جيداً الكتائب لا تعكس فصيلاً واحداً، بل أكثر من فصيل يشتركون سوية وهي دلالات وبشائر خير للعمل النضالي المشترك.
وأضاف أن هذا الاشتباك والعمل النضالي المشترك يعتبر رداً على سنين القطيعة والانقسام.
وأكد أن ما ينقص الشعب الفلسطيني قيادة واحدة ومرجعية واحدة وبرنامج سياسي واضح المعالم لإن استمرار عدم توفر هذه الشروط من شأنه تبديد هذه الطاقات الشعبية والشبابية الهائلة.
وأضاف بأننا أمام مرحلة مصيرية وهامة وصراع بين قوى تنشد الحرية وتسعى من أجل تعزيز قدراتها ومقاومتها وقوى أخرى تريد أن تبقي على حالة العبودية لشعوبنا، شعوبنا العربية التي جسدت صور المقاومة المشرفة على امتداد تاريخها.
ودعا الشعوب العربية لأن تجعل من برنامجها الوطني الداخلي ينطلق من أن المواجهة مع العدو الصهيوني هي ركن أساسياً من اجل تحقيق مهامها الوطنية الديمقراطية.
وأشار في حديثه للأردن أن من يتحدث عن تغيير وطني ديمقراطي بدون مواجهة مع العدو الصهيوني فهو واهم أو أنه ستار يخفي قبوله باستمرار حالة التبعية والارتهان للأجنبي.
وختم ذياب كلمته بالتحية لكل الأسرى الذين يشكلون الكتيبة المتقدمة في النضال وللشهداء وللشعب الفلسطيني الصامد ولشعبنا الأردني الوفي ولكل مناضلي الأمة العربية من اجل مستقبل مشرق.
أما الدكتور زياد الزعبي نقيب الأطباء الأردنيين أشاد بالمهرجان وأكد على حق الشعب الفلسطيني في النضال ووجه التحية للأسرى وصمودهم في معتقلات العدو الصهيوني وأكد أن السجون تولد طاقات كبيرة لدى الأسرى تنشأ عنها إبداعات على صعيد الأدب والفكر ووجه التحية لأرواح شهداء الشعب الفلسطيني.
وشكر الأسير المحرر عزمي منصور محرر ورئيس حملة مكافحة الصهيونية والعنصرية حزب الوحدة الشعبية على هذه المبادرة تجاه الأسرى والتذكير بهم دائما لأن هذه هي مهمتنا جميعا.
وأشار منصور إلى عدد الأسرى المعتقلين إداريا والمحكومين داخل المعتقلات الصهيونية وعدد شهداء الحركة الأسيرة والذي بلغ 232 شهيد و6500 معتقل حتى الآن ومليون أو ما يزيد منن تعرضوا للاعتقال منذ عام 1967 لليوم.
وتابع منصور بأنه لا يوجد عائلة فلسطينية لا يوجد بها جريح أو أسير أو شهيد وأننا كشعب فلسطيني على قناعة بأن صراعنا مع العدو صراع وجود ولا يمكن وجود حل معه إلا بكنسه وتحرير فلسطين من البحر إلى النهر.
وتحدث منصور عن معاناة الأسرى وأهاليهم وعن تجربته في المعتقل كأسير لمدة 18 عام وعن بطولات الأسرى في معركة التصدي لسياسات السجان الإجرامية ومحاولته لكسر صمودها.
وأضاف بأن مهمة الأسرى مهمة نضالية وهي مهمة كل إنسان حر ووطني وشريف ويجب أن يكون هناك المزيد من الحملات والنشاطات من أجل تحرير الأسرى ودعم صمودهم.
من جانبه، قال مقرر اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين (تابعة للنقابات المهنية)، فادي فرح: إن “سياسة الإضراب المفتوح عن الطعام تعدّ السلاح الأقوى والأكثر تأثيرًا لمواجهة سياسة الاحتلال العنصرية”.
وأكد فرح، في كلمة له على هامش المهرجان، أن “الاحتلال لا يلتزم بأي قانون من القوانين الخاصة بأسرى الحرب”.
ودعا “جميع القوى الحية في الأردن وفلسطين” إلى “دعم قضية الأسرى الفلسطينيين والأردنيين في سجون الاحتلال، والعمل بجدية للإفراج عنهم”.
وتابع: “على أقل تقدير، نطالب بترتيب زيارات أهالي الأسرى الأردنيين لأبنائهم في سجون الاحتلال”.
تجدر الإشارة إلى أن المعتقلين الإداريين الفلسطينيين في سجون الاحتلال علقوا، الخميس، إضرابهم عن الطعام، الذي استمر 19 يومًا، لـ “إعطاء فرصة لمعالجة ملفات المضربين عبر ممثلي الحركة الوطنية الأسيرة”.
وخلال بيانٍ صدر عنهم، تحدّث الأسرى المضربون عن المعاناة التي بدأت تواجههم، حيث نحفت وهزلت أجسادهم، وجاء في نص البيان: “أرطال لحم قاربت على المئة نسجنا بها شعارنا تجرؤ على النضال تجرؤ على الموت، وسجلنا حكاية عز جديدة في كتاب العزة للحركة الأسيرة لم تنته صفحاته، بعد سهر عائلات، ودمع أمهات رطب وسائد استبدلت النوم بقلق، تحول إلى وجع، وبعضه إلى مرض”.
وأضاف البيان: “19 يومًا رافقنا المعركة شعب يرفض الخضوع، في مقدمته عشرات الجنود المجهولين في خيام الاعتصام ومسيرات الوطن، حتّى وصلنا إلى خط نهاية الإضراب المفتوح عن الطعام منتصرين لهدفنا، تستقبلنا جماهيرنا وعائلاتنا بفرح طوى ليالي تعب وسهر، وقلق وعناء، وحدها أم ناصر أبو حميد بقيت تنتظر ابنها على شاطئ، تستعجل أمواجه مع كل المجتمع الانسانيّ لإيصاله إلى شاطئ العلاج، بقي وحيدًا في غياهب السّجون تعض عليه أنياب الموت، ويعجز عالم يدعي الحضارة من إنقاذه”.
ودعا البيان إلى استمرار التضامن وتعزيز الحضور إلى خيام الاعتصام حتى الإفراج عن الأسير المناضل ناصر أبو حميد، المصاب بمرض السرطان بدرجة متقدّمة نتيجة الإهمال الطبي المتعمّد”.
وتابع: “شعبنا الفلسطيني العظيم أيها الصامدون المدافعون عن أرض مخضّبة بالدّماء الزكية لشهداء شعبنا الذين عبدوا لنا طريق الحرّيّة التّحية كل التّحية لأبطال شعبنا في مخيمات وقرى ومدن الوطن في الضفة والقطاع المحاصر، والداخل المحتل، وأحرار العالم، الذين عبّروا عن انتمائهم العميق عبر مشاركتهم معركتنا ضد الاعتقال الإداريّ، تحية لكل القوى الوطنية والإسلامية، ومؤسسات الأسرى، وكافة الفاعلين لنصرة قضايا شعبنا، ومن ضمنها قضية الأسرى.”
وورد في نص البيان:” بدأناها صرخة مدوية فحولها المخلصون من أبناء شعبنا إلى تظاهرة عارمة، وصلت أصداؤها إلى بقاع الأرض، وها هي مظاهرتنا تصل إلى المدى المرجو منها في حلقتها الأولى، مؤكدين أنّ قرارنا هو مواجهة ومقاومة متواصلة ضد الاعتقال الإداريّ التعسفيّ هدفنا الرئيسيّ فضح وتعرية محاولات المستعمرين في إخضاع شعبنا والسيطرة عليه، وشطب روايته التاريخية، وهويته الوطنية”.
وأكّد الأسرى على أنّ معركتهم ضد الاعتقال الإداريّ مواجهة متواصلة، تشمل كافة أبناء شعبنا في الداخل والشتات، وصولًا إلى تحويل قضية الاعتقال الاداريّ إلى واحدة من الأولويات الفلسطينية في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيونيّ.
وشدد الأسرى المضربون على التزامهم بمقاطعة المحاكم الصهيونية بكافة مستوياتها، “وهي الحجر الأساسيّ في مواجهة الاعتقال الإداريّ العنصريّ وسنبذل جهودنا في تحويل مقاطعتنا للمحاكم موقف لكل الأسرى الإداريين وموقف فلسطينيّ موحد تشمل القوى الوطنية والإسلامية، والمؤسسات الحقوقية، ونقابة المحامين، والمحامين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، لنمنع الاحتلال من تبييض سياسة الاعتقال الإداريّ، وفي ذات الوقت فحص إمكانية التّوجه الى المحاكم الدّولية، ونحن نؤكّد استمرار مواجهتنا لاعتقالنا المتكرر المستندة إلى المقاطعة المبدئية والنهائية للمحاكم، ونعلن أنّ هناك خطوات متعددة لبرنامج نضاليّ متواصل سنُعلن عنه لاحقًا”.
وفي ختام بيانهم، أشار الأسرى إلى أنّ “وصول إضرابنا إلى المحطة النّهائية لم يكن ليتوج إلا بتدخل مسؤول من الأخوة، ورفاق القيد في سجون الاحتلال، حيث كان بمساهمة الفصائل كافة، وكان لرعايتهم للمعركة الأثر الكبير في تقليص مدة الإضراب، واثقين أن وحدتنا النضالية هي سرّ قوتنا، وطريق انتصارنا، ونعتبر أن إضرابنا عن الطعام هو محطة لحشد الطاقات لاستكمال نضالنا ضد الاعتقال الإداريّ”.
يذكر أن الأسرى الإداريين شرعوا في إضرابهم عن الطعام في 25 من أيلول/سبتمبر الماضي، احتجاجًا على استمرار وتجديد أوامر اعتقالهم الإداري.
وبلغ عدد المعتقلين الإداريين 780 معتقلا، بينهم ستة قاصرين على الأقل، وأسيرتان، ويقبع أكبر عدد منهم في سجني “النقب” و”عوفر”.