باعتقادي إن ما يواجهه الشعب الفلسطيني ليس مجرد انقسام، فهذا التوصيف بقدر ما هو مضلل وخادع فهو يمكن أن يشكل غطاء لاستمرار الحال وتبسيط الواقع، لاعتقاد طرفي الانقسام بصوابية منهجه، وبالتالي لا يرى خطورة في استمرار الحال.
ما نعيشه هو بعثرة وتشتيت ممنهج لطاقات وتضحيات الشعب الفلسطيني، على امتداد تاريخ الشعوب لم تشهد حركات التحرر الوطني سلوكا مثل ما شهدته ويشهده الشعب الفلسطيني، لقد سمح طرف فلسطيني ومنذ انطلاقة الثورة المعاصرة بممارسة تكتيكات سياسية تمس في الصميم الهدف الاستراتيجي، وكان التبرير أن هذا فقط لمخاطبة الرأي العالمي، كان هذا التكتيك يتسع ويتنامي وكان يتنامي حوله ومن أجله مجموعات من الانتهازيين والذرائعيين يبررون هذا التهشيم الممنهج للهدف الاستراتيجى، بحيث بات الهدف هو خداع الشعب الفلسطيني وتضليله أكثر من خداع وتضليل العدو.
إن الأسباب العميقة لاستمرار تبعثر الحال الفلسطيني يعود إلى البدايات وإلى نهج لا يقيم وزنا للشعب نفسه الذي يضحي ويقدم الغالي والنفيس بل كل هدفه تحقيق مكاسب ثانوية، وهذا النهج كان نتيجة اتفاقية أوسلو.
هذا التشويه بحالة الوعي وخلط الأوراق بحيث يتحاور من يمثل بيت إيل! ويجلس بكل ثقة مع المقاوم، بل يسعى الأول لإقناع الثاني وجره لخط ما يسميه زوراً وبهتانا بالتفاوض الذي هو في جوهره خضوعاً واستسلاماً للعدو.
هذا التشويه هو الذي يجعل المواطن الفلسطيني حائرا بين ابنة المقاوم الذي يضع روحه وحياته على كفه وابنة العامل في الأمن الذي يتعامل مع العدو ويستخدم تعبيرا مضللا اسمه التنسيق الأمني.
نحن أمام جريمتين جريمة تشويه صورة الفعل المقاوم وتكريس صورة الأخ أو القريب العامل مع جهاز ينسق مع العدو.
نحن أمام قيادتين يتحاوران من أجل الوحدة، قيادة يبحث عنها العدو بكل السبل للإجهاز عليها وقيادة أعطاها العدو تصاريح vip لتسهيل جولاتها داخل الوطن وخارجه وتتمتع بامتيازات لا يحصل عليها موظفوا الدول المستقلة.
هل هناك عبث أخطر من هذا العبث؟ هل هناك خدمة للعدو أكثر من تشتيت طاقاته وتشويه نضالاته؟!!!
أنا أعتقد أن المكابرة والاستمرار في الخطأ ليس إلا مساهمة في إدامة الخطأ
تجميع طاقات الشعب هدف مقدس ولكن يجب أن يكون واضحا، فاستمرار اللقاءات إذا لم يكن هدفها العودة إلى الجذور فإن استمرارها سيتحول إلى ملهاة وفرصة للترفيه تقود إلى أن يكفر الشعب بكل ما هو قائم.
الأهداف الاستراتيجية لا يجوز تركها للعابثين والفهلويين أصحاب البيضة والحجر.
بعد قرن من الزمن من حق الشعب الفلسطيني أن يمتلك رؤية واضحة وأهداف واضحة ومؤسسات مشتركة لا يستاثر بها طرف معتقدا أنها مزرعته او مزرعة والده.
علينا أن نتعلم من عدونا الذي يزداد شراسة وتنكراً لنا ولوجودنا، لقد وضع هدفه الاستيطان وكان عليه تغييب هويتنا فأنكر وجودنا وسعي إلى إقناع الآخرين بذلك.
لقد كان الحكيم رائعا حينما كان يؤكد دوما على وضوح الموقف وتحديد قوى العدو، ومن هو الصديق.
شكلت تلك الرؤية مصدات أمام قوى اليمين الذي كان يسعي إلى خلط الاوراق.
وبعد.. الوضوح هو الأساس ولا يلتقي المقاوم أو المقاومة التي تحمل سكينا وتواجه العدو وبين وبين من يرى في تلك التى تحمل سكينا إرهابية.
الخطورة لا تكمن بالقضاء عليها أو اعتقالها، الكارثة في تشويه صورتها والتعامل معها كإرهابية.
نحن أمام تحدي خطير متعدد الأوجه إذا لم نمسك طرف الخيط الموصل إلى الهدف فالنتيجة هو المتاهة.