إعلان ملفت للنظر، يبثه التلفزيون الأردني، يقول: “أداء الضريبة واجب وطني، فبادر وساهم في دعم وطنك”، وفي المقابل وزير المالية “العسعس” في خطاب الموازنة يقول: “وتفخر هذه الحكومة، بأن تكون هذه الموازنة، لا تتضمن ضرائب جديدة”..!!!!!
لكن تعالوا نقرأ الأرقام الواردة في الموازنة، مع العلم أني مواطن عادي لا يعرف كثيراً بلغة الأرقام، والموازنة بحاجة إلى مختصين لمناقشة بنودها وهذا ما لا أدركه.
لكن ما لفت نظري في الموازنة التي قدمت للبرلمان العتيد هو، أن مجموع الإيرادات الضريبية للعام الماضي بلغت (5،499) خمس مليارات وأربعمائة وتسعة وتسعون ديناراً، منها (3،948) ثلاث مليارات وتسعمائة وثمانية واربعون مليون دينار، تأتي من ضريبة مبيعات.
ومن باب العلم فقط، ففي موازنة الدولة للعام 2022 ستصل نسبة الضرائب إلى (6.089) مليار وتسع وثمانون مليون دينار من مجمل الإيرادات البالغة (8.064) مليار دينار، بنسبة تصل لأكثر من 70٪، بمعنى ان مجمل الإيرادات المحلية من لموازنة 2022، من تصدير وصناعة وزراعة….. تبلغ (1.975) مليار وتسعمائة وخمس سبعون مليون دينار.
اي ان الضرائب هي العنوان الرئيسي الذي تعتمد عليه الحكومات في تسيير أعمالها، وبالأخص ضريبة المبيعات التي وصلت العام الماضي، إلى 72٪من إجمالي الإيرادات الضريبية.
ان النهج الاقتصادي السائد والمرتهن لوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، والذي أوصل البلاد إلى مديونية فلكية وصلت إلى أكثر من (35) مليار دينار.
والذي مازال البعض يمعن في موقفه ولا يريد أن يقر بأن الاقتصاد المبنى على “الشعوذة “والمستند إلى الضريبة وتحميل الفقراء مجمل ما آلت إليه الأوضاع من فقر وجوع وحرمان، لا يمكن أن يحل الأزمة المركبة التي تعيشها البلاد.
وان ما يعيشه المواطن الاردني هو نتاج لهذا التخبط والفساد على مدار السنوات الماضية.
هذا “النهج” الذي يعتمد على جيوب الفقراء، من أجل أن لا يحمل “القطط السمان “ضرائب إضافية، هو يتجاوز ما جاء به الدستور في المادة (111) حول مفهوم الضريبية التصاعدية، لأنه لا يمكن له أن يعمل، الا في إطار خدمة مصالح شريحة طبقية ضيقة، فهو “مرتاح” لضرب الصناعة والزراعة وافقار الناس وزيادة عدد العاطلين عن العمل الذي تجاوز عددهم (500000) النصف مليون عاطل، لان هذه الحكومات المنحازة” للكمبرادور” ، لم تعد ترى إلا الجباية والجباية فقط لحل مشاكل البلاد، دون حتى أدنى تفكير بمدى انعكاسات مفاعيل الجباية على الفقر والبطالة، وتأثيرها وانعكاساتها على المستوى الاجتماعي، وما ستفرزه من احتقانات وتوترات اجتماعية ومن فرز طبقي.
لقد بات واضحا بأن “قلة” يملكون كل شي، مقابل أغلبية لا تجد قوت يومها.
ومن الواضح بأن الحكومة لا تريد أن تعرف، ولا يهمها، إلى أين ستصل الأمور من تدهور أوضاع معيشية للقطاعات الشعبية العريضة و”المفقرة” بقرارات هذا “الفريق الاقتصادي العابر للحكومات”.
إذا كنتم تتحدثون عن الواجب الوطني في أداء الضريبة فعليكم الاتجاه نحو “رأس المال المالي” بدلاً من توسيع رقعة الضريبة على جموع الفقراء، الذين تتسع قاعدتهم يوميا من خلال سياسية الجباية وعلى رأس هذه الجباية ضريبة المبيعات.
نعم نحن بحاجة لتغيير النهج السياسي والاقتصادي القائم وسريعا وهذا مدعاة للدعوة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني.