في يوم الأسير الفلسطيني وليس لهذا الشعب هواية تمييز التواريخ، إلا أن الأيام فرضت عليه في كل يوم تضحية ولكل تاريخ مناسبة يستذكرها ويستمد قوته واستمرار نضاله من قصص البطولة وفخرها.
قضية الأسرى في سجون الاحتلال ماهي إلا وجَهُهُ العنصري وشكله السادي في استعمار الأرض، افناء شعبها، واحلال نفسه مكانهم. أُقر هذا اليوم في عام 1974 وليومنا هذا ماتزال قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال مستمرة، ما يزيد عن 5000 آلاف قصة تخط الألم باختلاف أشكاله، ولكنها أيضا تخط البطولة والأمل باستمرار الحياة رغم الأحكام العالية والمؤبدة، إلا أن أملهم بالحرية يرافقهم كما ينبت الاظفر ليحفرون به الحلم واقعا.
هم خطوا أحلامهم وقصصهم في عالمٍ موازي لعالمنا، اختلف فيه الزمن، واختلفت فيه الأدوات، ولكن تثبُ فيه الانسان أكثر إنسانية، أكثر حُباً، وأكثر آملا بأن الحرية قادمة، فتساوت حرية الأرض بحرية الانسان وحلقت الأجنحة فوق الزنازين، رسمت طيوراً وقلوباً وجدت لها مسكنا يحتضنها نساء كثر من بلادي.
ولأنهم لون الحرية وشكلها الثابت، خرجت من أصلابهم نُطفٌ للحرية، تطوع الجسد، رضخ القدر، وسلمت لهم الحياة. أي ابداع هذا…!
يواجهون المحتل عاريين من لا شيء سوى لحم ودم، يخوضون نضالاتهم واضراباتهم ويكسرون عنصرية جيش كامل ودولته المارقة، وذات الجسد يتحدى ويتحدى… فينجب أطفالا….
يا فخرنا أنتم ويا عزتنا أنتم …. يا قلعتنا الأخيرة أنتم …
من غياهب الوحدة والعتم، وفي ليل طويل .. وبفعل عولمتهم انتشرت قصصكم، اصبحتم البوصلة، قلعتنا الصامدة، وجهتنا الراسخة، عرفنا قصصكم، عانقنا أسركم، حملنا أحلامكم ومضينا معكم. كل شيء حولكم وحولنا كما الحديد بنار صبركم ذاب وأصبح آداةً لكم. ومن صبركم جالت قصصكم العالم وأكثر، حلقت أفكاركم، كتبكم، روايتكم، احلامكم …. وأصبح العالم الموازي عالمنا الذي نهرب إليه، نقوى به، ونعي تماما أزمانه ومواقيته. فما عاد للحكم معنى ولم يعد للسنون عبره سوى صمودكم.