في سياق البحث عن أسباب الفقر والتخلف في دول العالم الثالث يرى الاقتصادي السويدي “غونار ميردال”، أن ذلك يعود إلى عدم احترام القانون في تلك البلدان.
وعلى الرغم من عدم اقتناعي بوحدانية ذلك السبب، وأرى أن جوهر الفقر يعود بالإضافة لتلك العوامل إلى عملية النهب المنظم التي مارستها ولا تزال دول الاستعماري ضد دول العالم الثالث.
ويرى “غونار ميردال” أن تلك الدول تصدر القوانين، وقد تكون تلك القوانين ممتازة إلا أنها لا تطبق تلك القوانين، فالمتنفذين لا يبالون لأن لديهم المال والسلطة ما يحميهم من تلك القوانين، أما الصغار يتلقون الرشاوى لغض البصر.
هذا الحال يقود إلى تفشي الفساد بكل المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية.
ويصف “غونار ميردال” هذا النوع من الدول، ” بالدولة الرخوة ” ويستطرد في شرح خصائص تلك الدولة بعدم احترام حقوق الناس وغياب العدالة
تعمد هذه الدولة الرخوة إلى خلق مؤسسات لا لزوم لها لا لشيء سوى خدمة المحاسيب والمتنفذين
إن من يتفحص واقعنا سوف لن يتأخر عن الاستنتاج بأن كل مواصفات الدولة الرخوة موجودة لدينا.
الم تبتدع حكوماتنا المؤسسات المستقلة والتي يربو عددها عن سبعين مؤسسة وتكلف الخزينة عجزاً سنوياً يتجاوز المليار.
وإلغاء هذه المؤسسات باتت مطلباً شعبياً، باعتبارها نقطة انطلاق للإصلاح، ذلك لأن وجودها لم يكن إلا لإرضاء أبناء الحلف الطبقي الحاكم.
أما القانون وغيابه فحدث ولا حرج، والفساد وانتشاره وتحول الاردن الى دولة قمعيه، بات كل ذلك مسائل محسومه ومعترف بها دوليا.
الم تتحول مؤسسات الدولة الى مجرد أدوات لحماية المتنفذين وفسادهم الإداري والسياسي والاقتصادي.
ألم يتحول القانون الى مجرد نصوص باهتة لا قيمة لها إلا على الضعفاء، وأصبحت الطبقات الحاكمة من القوة ما يمكنها من فرض إرادتها بحيث تبدو ديمقراطية في الوقت الذي تمتلك كل خصائص السلطة المستبدة ولكن المستترة.
السؤال كيف نواجه هذا الواقع ونتخلص من عبودية القرن الحادي والعشرين؟
ولماذا يستمر حالنا الى الآن؟
الجواب هو صمتنا عن قول الحق بحيث بات أصحاب الباطل يعتقدون أنهم على صواب كما يقول “علي بن أبي طالب”.
هل نكسر حاجز الخوف ونعلن بالفم الملآن أن الحرية حق لنا وغير مسموح مصادرتها وأن حاضر ومستقبل هذا لوطن مسؤولية الجميع.
نعم الحرية حق كالهواء