في حوار استثنائي استضاف “عرب جورنال” الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، د. سعيد ذياب، لمناقشة أبرز التطورات والمتغيرات الإقليمية والدولية المتعلقة بمعركة طوفان الأقصى ونجاح المقاومة الفلسطينية في تثبيت وقف إطلاق النار في غزة طبقاً لشروطها الإستراتيجية. ويسلط الحوار الضوء على مخطط ترامب لتهجير أبناء غزة إلى الأردن ومصر، في ظل التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، هذا التصعيد الذي يأتي في محاولة إسرائيلية لحرف الأنظار عن الفشل الذريع الذي مني به الكيان الصهيوني في القطاع على مدى أكثر من 15 شهراً من الجرائم والإبادة الجماعية. كما يسلط الحوار الضوء على تداعيات قرار ترامب، تصنيف أنصار الله في اليمن في قوائم الإرهاب، رداً على الموقف اليمني التاريخي في مساندة غزة، وكيف أن القرار يكشف حجم الفشل الأمريكي في التعامل مع الجبهة اليمنية على مدى أكثر من عام من المواجهة المفتوحة.
عرب جورنال/ حوار / حلمي الكمالي _
لقد مارس الكيان الصهيوني كل أشكال الحرب من دمار وحصار وتجويع وقتل للصغار قبل الكبار في غزة، لكنه أخيراً رضخ ووافق على وقف إطلاق النار بشروط المقاومة
طوفان العائدين إلى شمال غزة وجنوب لبنان، يجعلنا على قناعة تامة أننا نعيش عصراً جديداً هو عصر الجماهير الحرة
طوفان الأقصى والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته، قوّض أركان المقولة الزائفة بأن “إسرائيل” قوة لا تقهر، وسيكون له تداعياته على المستوى العربي جراء التواطؤ الرسمي العربي وسيفتح الباب أمام تغييرات واسعة
كشف الطوفان والحرب الإجرامية الإسرائيلية، السلوك الرسمي العربي المتمثل بالتواطؤ والدعم المخفي والمعلن للكيان من خلال استمرار التطبيع وتزويده بإحتياجاته من نفط ومواد غذائية، وتغييب أي موقف سياسي يدين العدوان ويطالب بوقف الحرب
الشعب الفلسطيني الذي رفض التهجير تحت الرصاص لن يقبل التهجير تحت الضغوط الناعمة لترامب، والعودة إلى الشمال رسالة هامة لترامب بأن الفلسطينين لن يسمحوا لأي كان بتهجيرهم والسطو على أرضهم
إن ما يجري في فلسطين بقدر خطورته على القضية الفلسطينية، فهو من ناحية ثانية يشكل خطراً على الكينونة الأردنية
التصنيف الأمريكي لأنصار الله جاء على خلفية دعمهم لغزة، ومن يستحق وصمه بالإرهاب هي أمريكا والكيان المجرم، واليمن سيصمد ولن يتأثر بالتصنيفات الأمريكية
إعلان اليمنيين دعمهم لغزة يعبّر عن صدقهم وعن موقفهم العربي الأصيل الذي يرفض الوقوف على الرصيف يراقب مشهد الذبح للشعب الفلسطيني
لقد وضع اليمن شرط وقف العدوان حتى يوقف عملية منع الإبحار نحو الكيان، وقد نجح في تحقيق هذا الشرط بعد موافقة الاحتلال على وقف إطلاق النار في غزة
العمليات اليمنية ضد البوارج الأمريكية والضربات الموجعة في “تل أبيب” و”إيلات” والكثير من المواقع الصهيونية،كان لها دوراً كبيراً في الضغط على الكيان اقتصادياً وعسكرياً وإجباره على وقف الحرب على غزة
القوى السياسية العربية فشلت في خلق تحرك شعبي يمكن أن يقود إلى إحداث تغيير جدي في مواقف الأنظمة تجاه الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة
اللحظة خطيرة على المنطقة العربية والإسلامية والمشاريع الإستعمارية تتزايد تحت عنوان مشترك تقسيم المقسم والقضاء على الهوية وهيمنة الكيان وتسيده ونهب ثرواتنا، وعدم التحرك سيجعلنا خارج التاريخ
_ بعد مرور أكثر من أسبوع على وقف إطلاق النار في غزة.. ما هي التداعيات المتوقعة لنجاح المقاومة في إفشال أهداف الكيان الصهيوني وصمودها لأكثر من 471 يوماً تحت طائلة العدوان والتدمير والإبادة الجماعية؟ أي واقع جديد يرسمه صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ؟ وهل تعتقدون أن موجة الاستقالات التي تتواصل داخل أروقة الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته العسكرية والأمنية ستفتك به وستقوض أي محاولات إسرائيلية لخرق الإتفاق والعودة إلى الحرب مجدداً ؟
في التاسع عشر من كانون الثاني الجاري توقف إطلاق النار بعد ١٥ شهراً من حرب إبادة شنتها “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني في غزة، كرد فعل على عملية طوفان الأقصى.
لقد مارس الكيان الصهيوني كل أشكال الحرب من دمار وحصار وتجويع وقتل للصغار قبل الكبار مستخدماً ما يعرف بالقصف الإستراتيجي من أجل كسر الروح المعنوية وفرض شروطه على أهل غزة.
لكن الصمود الأسطوري لأهل غزة وإصرارهم على عدم الرضوخ لشروط العدو، بل وتم فرض وقف إطلاق النار بشروط المقاومة.
إن هذا الصمود الأسطوري والنجاح الإستراتيجي لطوفان الأقصى في تقويض أركان المقولة الزائفة بأن “إسرائيل” قوة لا تقهر، فجاء الطوفان وضرب منظومته الأمنية، كل ذلك جعل السابع من أكتوبر، كحدث من الأحداث الكبرى المفتوحة على كل الاحتمالات، وإن القضية الفلسطينية والمقاومة أمام محطة جديدة هامة من محطات النضال الوطني الفلسطيني.
إن من شاهد عشرات الآلاف من العائدين إلى شمال غزة، رغم كل تلك المعاناة وعودة الآلاف إلى جنوب لبنان يجعلنا على قناعة تامة أننا نعيش عصراً جديداً هو عصر الجماهير الحرة.
وهذه الحرب الإجرامية نجحت في إبراز وتظهير الصورة الحقيقية للجيش الإسرائيلي كجيش يفتقر للحد الأدنى من الأخلاق، جيش ملاحق من المحاكم الدولية قيادةً وجنوداً.
لقد تجلى الصراع بين المستوى العسكري والمستوى السياسي، وسعي نتنياهو على فرض سيطرته على جيش الاحتلال وتحميلهم منفردين مسؤولية الإخفاق فى السابع من أكتوبر، وهذا تبدى من خلال الاستقالات التي شهدها جيش الكيان الصهيوني.
كذلك طوفان الأقصى والصمود الأسطوري سيكون له تداعياته حتى على المستوى العربي جراء التواطؤ الرسمي العربي وسيفتح الباب أمام تغييرات واسعة.
_ ما تعليقكم على تصريحات ترامب بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من غزة إلى الأردن ومصر؟ وهل تأتي هذه التصريحات في سياق مخطط أمريكي إسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية عبر مسوغات جديدة بعد فشل تمرير هذا المخطط عبر الخيارات العسكرية ؟ وكيف سيؤثر مثل هذا المخطط على أمن واستقرار مصر والأردن في ظل توجهات وأطماع إسرائيلية تاريخية واضحة لاحتلال أجزاء من أراضي هذه الدول في إطار مشروع ما يسمى بـ”إسرائيل الكبرى” ؟
من المتعذر قراءة تصريحات ترامب الأخيرة المتعلقة بترحيل أهالي غزة إلى الأردن ومصر بمعزل عن الدور الأمريكي الداعم للاحتلال بكل عناصر القوة من سلاح ومال ورعاية وإسناد سياسي ودبلوماسي، وتماهي مع الرؤية الصهيونية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، وهذا ما لمسناه من عمليات الإبادة وما يعرف بخطة الجنرالات الرامية إلى التهجير.
إلا أن الشعب الفلسطيني الذي رفض التهجير تحت الرصاص لن يقبل تهجير ترامب الناعم، لقد كان للعودة إلى الشمال رسالة هامة لترامب ولمن يهمة الأمر بأن الفلسطينين الذين قدموا الآلاف من الشهداء والجرحى لن يسمحوا لأي كان بتهجيرهم والسطو على أرضهم.
والأردن والشعب الأردني لن يكون إلا داعماً وسنداً للفلسطيني ومقاومتة الباسلة، وسيدافع عن أرضه مهما كان الثمن.
الرفض الواضح العربي والدولي عوامل هامة لتطويق أثار هذه التصريحات الخطيرة.
_ برأيكم ما دوافع التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية في هذا التوقيت بالذات؟ وما علاقته بمخططات التهجير والتصفية والتي ذكرناها سلفاً والتي تستهدف بعض الدول المجاورة لفلسطين وعلى رأسها الأردن؟
من اللافت للنظر أن العدو الإسرائيلي باشر حربة على المقاومة في الضفة الغربية مباشرة بعد وقف إطلاق النار في غزة، وكأنها تطمين لليمين الديني بأن الحرب على المقاومة مستمرة، وثانياً ترتبط مع عودة ترامب للبيت الأبيض ووعوده بالموافقة على ضم الضفة الغربية وحماية “إسرائيل” دبلوماسيا، وهي كذلك استمرار لسياسة التهجير التي مارستها “إسرائيل” في غزة.
إن ما يجري في فلسطين بقدر خطورته على القضية الفلسطينية، فهو من ناحية ثانية تشكل خطراً على الكينونة الأردنية.
علينا الإنطلاق في تعاملنا مع العدو، باعتباره مشروعاً استعمارياً استيطانياً توسعياً بقدر ما يستهدف فلسطين فإنه يستهدف الأمة العربية، بل يشكل عامل أساسي في احتجاز التطور والنهوض العربي.
_ ما موقفكم من قرار ترامب بتصنيف أنصار الله في اليمن في قوائم الإرهاب، والذي يأتي كردة فعل أمريكية لعقاب الشعب اليمني على موقفه الداعم لغزة؟ وهل تعتقدون أن مثل هذا القرار يعكس الفشل الأمريكي عسكرياً في إيقاف العمليات اليمنية المساندة لغزة على مدى أكثر من عام من المواجهة البحرية والهجمات الجوية ضد اليمن؟ وكيف يدفع هذا القرار لمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة في ظل التصعيد الإسرائيلي المدعوم أمريكياً وغربياً؟ وما تعليقكم على الموقف اليمني التاريخي لدعم غزة بشكل عام؟
حينما انطلق أنصار الله واليمن في إعلان موقفهم الداعم لغزة وأهل غزة كانوا يعبّرون بصدق عن موقفهم العربي الأصيل الذي يرفض الوقوف على الرصيف يراقب مشهد الذبح للشعب الفلسطيني، فكان قراره بمنع السفن المتجهة إلى العدو وتحملَ تبعات هذا القرار.
لقد وضع اليمن شرط وقف العدوان حتى يوقف عملية منع الإبحار نحو الكيان، والولايات المتحدة الأمريكية بدلاً من السعي لوقف الحرب على غزة لجأت إلى التجييش الدولي ضد أنصار الله، ومارست الإرهاب بعينه ضد أهل اليمن.
من يستحق وصمه بالإرهاب هي أمريكيا والكيان المجرم.
إن حربنا حرب عادلة دفاعاً عن النفس العربية.
اليمن وأنصار الله كانوا صادقين مع أنفسهم ومع إلتزامهم العربي ومع محور المقاومة.
لقد تم وضع أنصار الله في قائمة الإرهاب إبان العدوان السعودي على اليمن لكن اليمن صمد وتم رفعه لاحقاً من قائمة الإرهاب.. واليوم سيصمد اليمن أمام هذا التصنيف بإذن الله تعالى.
من المؤكد أن العمليات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني في غزة كان لها دوراً كبيراً في الضغط على الكيان اقتصادياً وعسكرياً من خلال ضرباتة الموجعة لـ”تل أبيب” و”إيلات” والكثير من المواقع الصهيونية.
لقد كان لتلك الضربات اليمنية ضد الكيان الصهيوني وضد البوارج الأمريكية دورها في تشكيل ضغط على العدو لوقف إطلاق النار.
_ ماهي قراءتكم للواقع الهش الذي تعيشه المنطقة العربية والإسلامية؟ ولماذا على الشعوب العربية والإسلامية أن تتعلم اليوم من صمود وصبر الشعب الفلسطيني والذهاب إلى مواجهة الأخطار بشكل مباشر قبل أن تنتقل إلى كل العواصم؟
لقد كشف الطوفان والحرب الإجرامية الإسرائيلية، والسلوك الرسمي العربي المتمثل بالتواطؤ والدعم المخفي والمعلن للكيان من خلال استمرار التطبيع وتزويده بإحتياجاته من نفط ومواد غذائية، وتغييب أي موقف سياسي يدين العدوان ويطالب بوقف الحرب، إلا أن التبعية لهذه الأنظمة وارتهانها للأجنبي وضعها على النقيض من مطالبة جماهيرها بموقف عملي داعم للمقاومة.
إذا كانت هذه الحرب كشفت عمق الانحطاط الرسمي، فإنه كشف في الآن ذاته مدى ضعف وهشاشة الحركة الشعبية العربية وقواها السياسية. هذه القوى فشلت في خلق تحرك شعبي يمكن أن يقود إلى إحداث تغيير جدي في مواقف الأنظمة.
إن حالة النخب تضعها أمام مسؤوليتها في قراءة جادة وعميقة للمشهد السياسي والأطماع الإمبريالية الصهيونية، وإعادة بناء نفسها والارتقاء بدورها وفعلها وصولاً إلى جبهة عربية مقاومة ضد الكيان والوجود الإمبريالي.
إن الحال الذي وصلنا إليه يجعل من التصدي له فرض عين، فاللحظة خطيرة والمشاريع الإستعمارية تتزايد في المنطقة العربية والإسلامية، كلها تحت عنوان مشترك تقسيم المقسم والقضاء على الهوية وهيمنة الكيان وتسيده ونهب ثرواتنا.
وإن عدم نهوضنا وترك هذة الأنظمة على حالها وإذا ما بقينا في سباتنا سنجد أنفسنا خارج التاريخ.