منع من العرض

فراس السعدي
6 دقيقة وقت القراءة
مهرجان عشيات طقوس المسرحية

أبو الفنون وأولها وهو المساحة الأقدم لتعبير الرأي عند الاغريق بعد حلبات المصارعة وسباق الخيول فما هو حال المسرح في وقتنا الحالي ولماذا تراجع حضور المسرح بين سائر الفنون وهل للأنظمة والتشريعات والرقابة دور في تراجع المسرح.

ان نشأت المسرح تعود حسب المؤرخين والباحثين الى تلك الاحتفالات والطقوس الدينية العائدة لمعظم الحضارات القديمة ويخص بالذكر الحضارة الفرعونية الا ان الباحثون يرجحون بان البداية الحقيقية للمسرح بشكله المتقدم وقوالبه المتنوعة تعود للحضارة الاغريقية قبل الفراعنة وقد عرف الفراعنة المسرح كمساحة للاحتفالات واشكال الفرجة، وجد في مخطوط ديني مصري كتب قبل 2000 ق.م

رغم أن الحضارات القديمة عرفت أشكالا متعددة من الاحتفالات، إلا أن الدراما الإغريقية تعد أصل النشأة وملهمة التأليف المسرحي في قوالبه الغربية، وقد انبثقت الفرحة عن الاحتفالات بعبادة الإله ديونيزوي، إله الخمرة والخصب، حيث أن الناس يضعون أقنعة على وجوههم ويرقصون ويتغنون احتفالا بذكراه وبوفرة المحصول.

كان الاحتفال في بداية الأمر يتشكل من جماعة المحتفلين والتي تردد الأهازيج والأشعار غير أن انفصال ثسبس عن الجماعة، والذي يعد أول ممثل في التاريخ، أدى إلى نشأة الفعل المسرحي وظهور الحوار الذي يعد منطلق الصراع الدرامي.

بعدها أضاف الشاعر التراجيدي اسخيلوس ممثلا ثانيا. ليبلغ المسرح الإغريقي أوجه مع سوفوكلوس ويوربيديس إذ يعدون أبرز شعراء التراجيديا وتركوا إرثًا مسرحيا غنيا بالمآسي التي لا تنسى كثلاثية سوفوكل الشهيرة والمكونة من ‘اوديب ملكا و’اوديب في كولون’ و ‘انتيغون’. ليظهر بعد ذلك ارسطوفانس ويبدع في كتابة الكوميديا لتصلنا من نصوصه أعمال كالضفادع والطيور وليسيستراتا.

تأثرت الحضارة الرومانية أيضًا بهذا الإرث الإغريقي على الرغم من أنها لم تصل إلى مستوى الدراما اليونانية. غير أن كتاب من أمثال ‘سينيكا’ و ‘بلاوتوس’ كان لهم تأثير بالغ في الدراما بعد القرن 16.

فيما بعد وأمام معارضة الكنيسة تراجع المسرح كثيرا وكاد يختفي ليظهر نوع آخر من المسرحيات الدينية، كمسرحية ‘الأسرار’ و ‘المعجزات’. استمر المسرح تدريجيا في الانفصال عن الكنيسة وموضوعاتها الدينية ليتأثر لحركات الفكر والفلسفة واحياء العلوم.

إن المسرح العربي تعود نشأته الى العام 1848م على يد مارون النقاش الذي عاد من اوروبا محملا بفكر المسرح واراد نقل التجربة فكانت حية في أول مسرحية له وهي البخيل “لموليير”، وبات المسرح العربي يعتمد على عدة طرق في نقل عرض المسرح الغربي كالترجمة والاقتباس والتعريب وشرح نظريات المسرح الغربي ومن ثم مر بعد مراحل لتطوره وكان هنالك عدد من الشخصيات العربية الذين عمدوا على إنجاح فن المسرح العربي منهم مارون النقاش ” البخيل ، ابو خليل القباني ” ألف ليلة وليلة ” ، الخديوي إسماعيل ، جورج الابيض ، توفيق الحكيم ، أحمد شوقي وغيرهم من الادباء والفنانين.

وفي الوقت الحالي ترى اختلاف شاسع في الاقبال على المسرحة من بلد لأخر ومن ثقافة لأخرى فتره مرتفع الإقبال بدول مثل تونس والمغرب ومصر وسوريا اما بدول الخليج فتراه يتأرجح متهاويا بعد قلة الاهتمام به أما في الأردن فحال المسرح الأردني على المحك فمنذ أن تبنى عبد الحميد شرف تأسيس أسرة المسرح الاردني في منتصف الستينيات من القرن الماضي مر المسرح الاردني بعدة معوقات كانت تحبط تقدمه في كل جولة من سباق لمواكبة المسرح العربي الذي كان يتطور بطريقة متقدمة فكان من ابرز تلك المعوقات إغلاق مسرح أسامة المشيني بالشمع الأحمر عدة أعوام إزاء قروض لم تسدد كما كانت الانفصالات بين الفنانين الذين تحمهم اعمال من مديات التوقف في المسرح كمانويل صوالحة وهشام يانس أثر خلافات إدارية

كان أيضا دور لرقابة في إجهاض العمل المسرحي لا سيم عند المفترقات السياسية والسقف المسموح وكانت الحالة السياسية فيما قبل الانفراج السياسي عاملا مهما في محدودية العمل المسرحي والمحتوى المقدم آنذاك

اما بعد الانفراج السياسي كان المعوقات تتحملها ايضا الحكومة إذا لم يكن هنالك دعم للمسرح من اجل العمل على تحويل المسرح الى صناعة حقيقة تحمل انتاج قومي انما اقتصر على المهرجانات السنوية التي كان يشوبها النزاعات الإدارية و التخبط من أجل ترأس المكانة الرفيعة لا من أجل تسليط الضوء على المشاكل المجتمعية ونقلها بعرض مسرحي لنقل صورة ادبية فنية

ولعل قلة الاهتمام من قبل القطاع الحكومي والخاص والقصور الجلي في بناء مسارح مجهزة في عمان او المحافظات وذهاب بعض الفنانين لاستجار قاعات او البحث عن مقار متواضعة أدى الى تواضع العمل المسرحي

والجدير بالذكر أن الأردن تمتلك نخبة من الادباء والمسرحيين والمثقفين الذين يحاولون دائما وتكرارا النهوض بالمسرح الأردني مع قلة الامكانيات ومحددات المعيقة.

كان للمثقفين والادباء المسرحيين دورا مهما في وقف وإلغاء الرقابة عن العمل المسرحي لكن هذه الحالة من المفروض أن تمنح مساحة أكبر لظهور المسرح بشكل اوسع وافضل ولكن لم تتغير حالة الركود المسرحي اذا أن الرقابة اختفت وجاء بديلا عنها وقف الدعم المسرحي او تقليله وخاصة للمسرحيات التي لا تغني على ليل الداعم الحكومي او الخاص

ان خشبة المشرح التي يريدها نخبة الفنانين والمثقفين الاردنيين أن تكون موضوعيتا منصفة لحاضرها تتكلم عن وجعه او ننتقل لو رواية من بين غلافها الى هواء المسرح الذي يعطيها جمالية الرؤيا هؤلاء المخلصين لمبادئ الفن والأدب لم يهرولوا خلف المال المسموم فترى أحوالهم تتأرجح منحدرة كما المسرح الأردني رافضين تسيرهم نحو تضليل مسرحي

شارك المقال
متابعة
  • صحفي، وعضو هيئة تحرير جريدة نداء الوطن
  • حاصل على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة العربية المفتوحة