37 عاما على اغتيال ناجي العلي.. وحنظلة ما يزال يتنقل بين المخيم والمتراس، ويزداد توهجا

د.موسى العزب
3 دقيقة وقت القراءة
حنظلة أيقونة فلسطينية وهي أشهر الشخصيات التي رسمها ناجي العلي

في ذكرى اغتيال ناجي العلي ابن مخيم عين الحلوة التي وصلها لاجئاً عام 1948، نقول:
يا ناجي، حنظلة لا يزال يسخر منا، لم يمت، ولم يلتفت.. نبحث عنه في الصفحات الأخيرة للصحف، بينما هو يواصل الاقتحام مع الوجع الفلسطيني والعربي، شاهد وشهيد.

حنظلة الفلسطيني الذي أخبرتنا أنه لا يكبر منذ أن غادر فلسطين، ولن ينمو إلا عندما يعود إليها.. يعلن استنكاره الشديد اليوم لحالة الخذلان والتردي المعمم، ويمتشق سلاحه في فلسطين، يتصدى للعدوان الهمجي.. ويشارك في تشييع جثامين الأطفال، وهو يعقد يديه خلف ظهره، ولن يلتفت للأمام قبل أن تعود للأمة كرامتها بالتحرير والعودة.

هكذا أودعته يا ناجي أيقونة لأحرار العالم، وصار رمزاً ثورياً تحررياً، ينطق باسم الوجع والإصرار الفلسطيني. يتردد اسمه على لسان الإنسان البسيط، يروي للشهود سيرة فلسطين، النكبة والمخيم والسجن والمدن والصحف والحرب وبيروت وصنعاء. يطوف على حملة السلاح في جنين وطولكرم ونابلس والدهيشة وأخواتها، ليبيت في غزة بين جبالية والشجاعية ورفح.

ناجي أيقونة التحدي والجمال الروحي، حامل المخيم إلى قواعد الفدائيين، وفلسطين إلى العالم، ولد عام 1937 في قرية الشجرة الواقعة في الجليل. شُرّد من فلسطين إلى لبنان مع عائلته عام النكبة، تعلم الابتدائية في مخيم عين الحلوة، ثم في مدرسة مهنية في مدينة طرابلس، والتحق بالأكاديمية اللبنانية للرسم عام 1960. بدأ في يرسم على جدران المخيم، فحفر رسمه بالدموع والطباشير.

ناجي العلي
ناجي العلي

انضم ناجي شاباً لحركة القوميين العرب، وتبنى فكرها وكان من بين أكثر من انضبط تنظيمياً، وحمل مواقف الحركة التي عبرت عن هموم الشعب، و شارك في إصدار نشرة الصرخة التابعة للحركة التي كانت تكتب بخط اليد حتى عام 1961، وتعرض للسجن ضريبة لقول الحقيقة، حتى جاء غسان كنفاني ليطلق اكتشاف ناجي العلي، وينشر له إحدى لوحاته المعبرة في مجلة الحرية التابعة لحركة القوميين العرب عام 1961.

عمل محرراً ورساماً ومخرجاً صحفياً في صحيفة “الطليعة” الكويتية عام 1963،وفي السياسة الكويتية منذ عام 1969، ومنذ بداية عام 1974 في جريدة “السفير” اللبنانية؛ وفي عام 1979 انتخب رئيسًا لـ”رابطة الكاريكاتير العربي”؛ إضافة إلى كونه عضواً مؤسساً في الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين وعضواً في “الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين”.

عام 1983 غادر لبنان إلى الكويت مرة أخرى، وعمل في جريدة “القبس” الكويتية التي بقي يعمل لها حتى عام 1985.
بعد التضييق عليه وتهديده بالقتل، نقلته “القبس” إلى لندن، وعمل في جريدة “القبس الدولي” حتى يوم تعرضه لهجوم غاشم، وإغتياله بإطلاق النار عليه في لندن يوم 22 تموز 1987 إثناء توجهه إلى مكتب الصحيفة، واستشهد بعد شهر من إصابته.

لأن ناجي يقول الحقيقة. تفوق على نفسه. وبرزت عبقريتة في تحريك الخطوط والأشكال دون تدخلات لغوية.. من أجل لغة عالمية. فكان ناجي لا يرسم بريشته، إنما يجرح بمبضعه.

مُنحت أعمال ناجي عدة جوائز عربية وأجنبية، كما شاركت رسومه في عشرات المعارض العربية والدولية.
تميزت رسوم ناجي العلي الكاريكاتيرية بالنقد اللاذع، والإبداع البصري، والحس الوجداني الجريء.. ونجح بامتياز في صياغة الوعي والذاكرة الفلسطينية.

لروحه الحرة الرحمة والمجد.. ولذكراه الخلود.

شارك المقال
متابعة

الدكتور موسى محمد عبد السلام العزب
- مواليد عمان/ في 2 أيار 1951.
* حاصل على شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة وهران/ الجزائر في العام 1978.
* عمل في المستشفيات والمراكز الطبية للهلال الأحمر الفلسطيني في سورية ولبنان، حتى العام 1982.
* حاصل على شهادة التخصص العليا في أمراض النساء والتوليد من الجامعات الفرنسية عام 1986.
* عمل طبيباً إختصاصياً لأمراض النساء والتوليد في مستشفى الهلال الأحمر الأردني لمدة 25 عاما، وعيادة خاصة حتى اليوم.
* عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني.
* منسق الحملة الوطنية، "صحتنا حق".
* ناشط إجتماعي ونقابي وسياسي وإعلامي، لمدة تمتد لأربعة عقود.

اكتشاف المزيد من نداء الوطن

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading