انتخابات بلدية محلية تُعطي الشعور بأن لنا دولة، وعليها ما عليها من التزامات.. عرسٌ وطني وديمقراطية، انتخابات في شهر آذار وعلى مقربة من يوم الأرض المبجّل..
هذه الانتخابات المراد لها ترسيخ اتفاقية أوسلو، ومؤسساتها. تكريس فكرة الدولة ووهم الكيان المستقل. في الوقت الذي ألغت فيه سلطة أوسلو انتخابات المجلس التشريعي والحجه عدم مشاركة مدينة القدس الفلسطينية، أقامت العرس الديمقراطي لانتخابات البلدية (الخدماتية) دون مدينة القدس، دون قطاع غزة الممنوع من الديمقراطية، حماس التي لا تسمح بإجراء انتخابات في غزة وتشارك في تحالفات وانتخابات الضفة الغربية، وطبعا دون فلسطين المحتلة عام 48 والشتات الفلسطيني.
تحولت السلطة الفلسطينية الى بلدية كبيرة لحدود محددة من الأرض، وتحولت منظمة التحرير الفلسطينية من الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الى أحد دوائر سلطة أوسلو، وتحول الشعب الفلسطيني من مناضل ضد الاحتلال الى مبتهج بالعرس الديمقراطي يطلق رصاصه بالهواء أكثر بكثير مما أطلقه في العام الأخير ضد الاحتلال.
لسلطة أوسلو مشروعها، مشروع التنسيق الأمني، ورغم أن مشاريع التسوية مع الاحتلال طار ريحها، وشُرب نخبها الأخير، فلا مفاوضات سياسية حقيقية مع الاحتلال، وانما تعاملات أمنية لصالحه، يقبل الاحتلال اليوم هذه الانتخابات كسقف أعلى لديمقراطية الدولة المارقة، يباركه ويغني له الجميع وكأن سقف مقاومتنا هو بلدية منطقة أو مدينة، المنتصر الوحيد فيها دولة الاحتلال وأدواتها، لا فتح ولا أي تنظيم آخر.
في الاتجاه الآخر، المسكوت عنه، مقاومة جدوى مستمرة …
في الاتجاه الآخر، فكر الشهيد غسان كنفاني ينادي بحرمة وخيانة الجلوس مع العدو الصهيوني أيّاً كان الظرف. في الاتجاه الآخر باسل الأعرج يحذر “لا تنسوا للحظة أننا شعبٌ تحت الاحتلال..”
في الاتجاه الآخر أسرى يخوضون معاركهم المشرفة والبطولية الدائمة مع السجان وكيانه المحتل، وينتصرون.
في الاتجاه الآخر نضال مستمر في حي الشيخ جراح، في العراقيب، صمود في يافا واللد، أسرى للعدو في غزه… شعب يرفض الاستسلام والتهجير القصري، سكين تواجه المحتل في زمن رَخُص فيه الرصاص وصوب نحو أبناء الشعب.
في الاتجاه الآخر يوم الأرض بنكهة عملية بطولية تكرس المقاومة في الخضيرة. ليتبعها صوت الرصاص من يافا عشية يوم الأرض، هذه العمليات البطولية التي تحدد الخيار والاختيار…
في الاتجاه الآخر معتقلين سياسيين في سجون سلطة أوسلو، مناضلين ضد الاحتلال، شباب تلامذة أعادوا اتجاه البوصلة نحو التحرير ولم يقعوا في وهم الدولة.
وما بين هذا وذاك، على الأرض الفلسطينية المغمسة بدماء الشهداء، لا خيار سوى خيار المقاومة والتحرير. لا دولة وإنما يوم الأرض الخالد في الجليل وكأن القضية الفلسطينية تأبى الاختيار والخيار، فإما نحن وإما نحن والأرض لن تختار إلا نحن.