اعتقد أن دهشة الأستاذ عصام قضماني الكاتب والمحلل الاقتصادي في مقال نشره في جريدة الرأي بتاريخ 16/6/2021 رداً على مقال نشرته تحت عنوان أن الاستقرار لا يتحقق ما دام المواطن يبحث عن لقمة عيشه في حاويات الزبالة هي التي أصابني بالدهشة الشديدة..
لماذا؟ لأن الأستاذ عصام يعرف أكثر من غيره حجم الفقر الذي يعاني منه المواطن الأردني.
بلغة الأرقام نسبة الفقر المدقع تصل إلى 17٪ حسب الأرقام المعلنة رسميًا، والأستاذ عصام يعرف جيدًا معنى هذا النوع من الفقر ومدى حاجتهم للبحث في الحاويات عم لقمة العيش.
على العموم هذه المسألة غير خاضعة للجدل النظري ما إذا كان هناك من يبحث عن لقمة العيش في الحاويات، أم أن جل ما نشاهدهم عند الحاويات هم تجار خردة وعلب بيبسي فارغة، أو علب سجاير فارغة ليعرف الجمارك بعض أنواع التهريب، يستطيع أي مراقب أن يتحقق من طبيعة الباحثين في الحاويات بكل يسر وسهولة، ولا حاجة للجدل النظري.
لكن هذا الرد من أستاذ في الاقتصاد كشف لي بما لا يدع مجالًا للشك اننا نعيش في بلدين، أردن النخبة التي تستحوذ على غالبية الثروة وأردن الغالبية حيث الفقر والحرمان.
أما تبسيط المسألة بالنسبة للفساد أنه موجود ولكن مجرد حالات هنا أو هناك، لا يا سيدي الفساد بات مؤسسة كاملة لها أذرعها ونفوذها وقوتها.
لقد تحدث المدير العام لمؤسسة النزاهة أن جميع مؤسساتنا تفتقر إلى الشفافية والنزاهة، وتحدث المجلس الاقتصادي والاجتماعي ولأكثر من مرة في كل عام عن التهرب الضريبي الجمركي، الإعفاءات الجمركي، وعن الهدر في المال العام.
الغالبية الساحقة من الأردنيين تتحدث عن الفساد كمشكلة قائمة بذاتها، وكيف أن قوى الفساد هي التي تعرقل الوصول إلى إصلاح سياسي حقيقي لأنهم يعرفون أن من مهمات الإصلاح الأولى محاربة الفساد والمفسدين.
اما سخريتك عن اعتراضنا عن الخصخصة، أولًا عملية الخصخصة بذاتها كانت مجالًا رحبًا للفساد من خلال السمسرة والعمولات، بالإضافة إلى أن مخرجات كل عملية تحرير التجارة لم تؤد إلا إلى المزيد من العجز في الموازنة والبطالة والارتفاع المذهل في المديونية.
نحن لا نطالب بالاشتراكية التي فشلت في بيتها كما تقول، نحن يا سيدي نريد سياسة اقتصادية تراعي مصلحة الشعب، سياسة لا تتعامل مع الناس كبقرة حلوب، سياسة تضع في أولى توجهاتها الاعتماد على النفس.
نحن لا نبتدع شيء نحن نطالب بتدخل الدولة في الرعاية وفي الاستثمار وزيادة الطلب الكلي، نطالب تدخلها للحد من البطالة. هذه مرتكزات طرحها الاقتصادي الإنجليزي “جون مينارد كينز” لمواجهة الكساد العالمي في نهاية عشرينات القرن الماضي. وتعامل معها أوباما في مواجهة أزمة2008.
ولكن ما الضير في تمسكنا بالاشتراكية، فالاشتراكية كانت مطلب البشرية عبر قرون، لأنها ببساطة تعني البحث عن العدالة وإلغاء الظلم واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان. خلاصة القول ما كتب ليس أوهام بل حقائق مؤلمة وصادمة ولكن البعض لا يريد أن يعترف بل يعتقد أن رش العطر على العفن يمكن يخفى الرائحة الكريهة.