كانت مريم ولم تزل.. فلسطينية الوشم والعينين

رانيا لصوي
4 دقيقة وقت القراءة
تعبيرية (نطف الأسرى الفلسطينيين المهربة من سجون الاحتلال)

أسرى القضية الفلسطينية لدى سجون الاحتلال ركن أساسي من أركانها، وعلامة باقية على ظلم واضطهاد وعنصرية هذا الاحتلال المختلف عن كل الاشكال الاستعمارية في العالم. ورغم كل ما يعاني منه أسرى القضية الفلسطينية من صعوبات تبدأ من الإهمال الطبي ولا تنتهي عند الاحكام العالية حدّ الكواكب، إلا أنهم يتمسكون بالأمل ويسطّرون قصص بطولة تُعلم من هم خارج الأسر، بل تضعهم دائما على طريق المقاومة المستمرة.

“أطفال الحرية” التعبير المقاوم عن النطف المهربة، وهي عملية لا تقل بصعوبتها عن العمل العسكري ضد الاحتلال، بدأت بالظهور عام 2012، حينها قرر الأسرى الانجاب رغم الجدران الأربعة والأحكام العالية فابتدعوا الأساليب وحققوا المراد.

عملية تهريب النطف، عملية معقدة جدا، خباياها التفصيلية لا تُنشر، أو على الأقل جزئية إتمام عملية التهريب، إلا أنه ولتداخل الدين والقانون وخطورة الموقف تُمر بخطوات محددة وضعت وفق معايير مؤسسات معنية تضم المرجعيات الدينية على اختلافها، والقانونيين، إضافة الى ما يساعد في تقبل المجتمع لهذه العملية والذي بات اليوم يحتضن بفخر أطفال الحرية.

إعداد المرأة طبيا وتحضيرها لاستقبال نطفة الحرية يحتاج الى أشهر، يكون فيها الأسير البطل على علم وبانتظار ساعة الصفر، يشهد على تقديم النطفة أربع شهود من الأسرى، تخرج بالوقت المحدد، لتصل الى المختبر بأسرع وقت يكفل ببقائها صالحة، يشهد على تسليمها اثنين، تُجمد العينة ومن ثم يبدأ العمل في الجانب الآخر مع المرأة ليكن طفلا يُنير لنا الأمل باستمرار.

ليس هذا فحسب، الاحتلال الصهيوني الذي عجز أمام هذه العمليات الممنهجة، يُصدم باستمرار بأسماء أطفال النور وأخبارهم، يشعر بكم هم عظماء وصغره، يبدأ بسلسلة عقوبات على الأسير تبدأ بعزله الانفرادي لسنوات، ولا تنتهي بمنع الزيارة عنه.

تتمسك الام بحق التقاء طفلها ووالده، ولا سبيل لذلك الا اثبات نسب هي واثقة فيه، تدخل المحاكم مرفوعة الجبين وتناضل ليكن ابن الحياة.

أطفال الحرية مثال أيضا للمقاومة، حالات كثيرة رفض الكيان الصهيوني منحها إثبات النسب، خاصة في القدس المحتلة، لم تُسجل قانونيا. أطفال حرية عظماء أصغروا الاحتلال، حرمهم شهادة الميلاد وربما شهادة وفاة، وما بين شهادتين هم على قيد الحياة.

الوردة الخفية في هذه العملية هي الأنثى، تنثر ربيع عمرها أريجاً يزيد ثباتنا. عذراوات فلسطين كما أحب أن أسميهن، من اخترن الارتباط عن بعد، والانجاب عن بعد، وتحمل المسؤولية بكل البعد، والصبر على كل البعد، قاومن الاحتلال، تماسكن بالمجتمع، صبرن على الليالي، وقبل وبعد كل هذا صبرن على أنفسهن وتعففن.

كيف لا ولهن في الزنازين أرواح، خرجت من حدود السجون وانطلقت في عالم موازي، مليء بالأمل والحياة، اعتزلوا واعتزلن حياة البشر، التزموا والتزمن ذات الوجع، فهذا الأسير الممنوع عليه بحسب تربيته التنظيمية الانسياق الى أهواء الساكنة فيه كي لا يكون فريسة الاسقاط، هذا الأسير الساكت عن آلام جسده، له في العالم الموازي أنثاه التي اختارت ذات الطريق ولم ترى في الحرمان سوى الانعتاق. في العالم الموازي اختاروا واخترن أن يقود العقل الجسد، لا العكس، فكان كل شيء فكرة وللأفكار أجنحة لا تقيدها السجون.

عندما تمتلك اليقين كل الكون يمدّ يده لك غير ذلك لا تحاول أن تطرق الباب ولو بفكرة.

قضيتنا أكبر من عقولكم، وبطولات شعبنا أكبر من طاقات تحملكم، فكيف لكم أن تجسدوا الفكرة!!!

مريم، مريمنا نحن، تزرع روحها أفكار مقاومة، التقطتها نساء فلسطين فتوجن الصبر اعجازا

شارك المقال
  • عضو في حزب الوحدة الشعبية
  • ناشطة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية
  • مهتمه في قضايا المرأة
  • رئيسة رابطة المراة الاردنية سابقا
  • مدونه في الشان الفلسطيني والمراة