أفادت منظمة الأغذية والزراعة “فاو”، في تقرير لها أعلنت عنه مساء الثلاثاء ، من أنه سيتوجب على الأنظمة الصحية والزراعية العالمية التي لا تزال تواجه نتائج جائحة “كوفيد-19” أن تتحضر من دون تأخير لـ”صدمات” جديدة، مثل الجفاف والفيضانات وأمراض عديدة في المستقبل، في حين أفاد تقرير دولي بأن قرابة نصف سكان العالم يعانون نظاماً غذائياً سيئاً يرتبط بتناول طعام أكثر أو أقل من المعدل ما يضر بصحتهم وبالكوكب.
وذكرت “فاو” بأنه حالياً “لا يستطيع ثلاثة مليارات شخص تأمين غذاء سليم يجنبهم سوء التغذية”.
وبحسب أرقام علماء الاقتصاد الذين أنجزوا التقرير، فإن “مليار شخص إضافي قد يكونون معرضين لخطر عدم القدرة على تأمين تغذية صحية في حال أدت صدمة مفاجئة إلى خفض مدخولهم بنسبة الثلث”.
ويشدد تقرير المنظمة التي يقع مقرها في روما، على أهمية سبل التواصل، متوقعاً “ارتفاع سعر الأغذية لـ845 مليون شخص إذا تعطلت سبل التواصل الأساسية بسبب صدمة ما”.
مؤشرات “المرونة”
وأشار المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة كو دونغيو، في حديث سابق لنشر التقرير، إلى أن جائحة كورونا “بينت بشكل كبير هشاشة الأنظمة الغذائية والزراعية العالمية”، وتضم هذه الأنظمة الإنتاج وسلاسل الإمداد الغذائي وشبكات النقل الداخلي والاستهلاك.
وقدرت المنظمة في تقرير سابق نشر في يوليو (تموز) أن 720 إلى 811 مليون شخص عانوا الجوع عام 2020، أي أكثر بـ161 مليون شخص تقريباً من عام 2019، “وهو ارتفاع سببه الجائحة بشكل أساسي”.
وحددت منظمة الأغذية والزراعة العديد من مؤشرات “المرونة” من أجل توعية الدول حول تعرض نظمها الغذائية للصدمات وحالات “الإجهاد” المزمنة، لافتةً إلى أن “القدرة على تحمل الصدمات وحالات الإجهاد ثم التعافي أمر ضروري” في بيئة غير مستقرة.
وتدرس هذه المؤشرات الإنتاج المحلي للدول وامتداد أعمالها التجارية وأنظمة النقل التي تملكها ووصول سكانها إلى تغذية صحية.
وقال المنسق والخبير الاقتصادي الأساسي في التقرير أندريا كاتانيو، لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)، إن الدول مدعوة إلى “البحث عن نقاط ضعفها” من خلال هذه الأدوات ومحاولة معالجتها.
فاو قرابة نصف البشر يعانون نظاماً غذائياً سيئاً
وفي السياق نفسه، أفاد تقرير “غلوبال نوتريشن ريبورت” (تقرير التغذية العالمي) الذي يستند إلى بيانات من منظمات مثل الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف، بأن قرابة نصف سكان العالم يعانون نظاماً غذائياً سيئاً يرتبط بتناول طعام أكثر أو أقل من المعدل ما يضر بصحتهم وبالكوكب.
وأظهر التقرير، الذي نشر الثلاثاء، أن 48 في المئة من البشر يأكلون أكثر أو أقل من المعدل اللازم.
ولن يحقق العالم ثمانية من تسعة أهداف غذائية حددتها منظمة الصحة العالمية بحلول عام 2025 على المعدل الحالي، علماً أن التقليل من الهزال عند الأطفال والتأخر في النمو والبدانة لدى البالغين أصبحت ضرورة.
ويشير التقرير إلى أن نحو 150 مليون طفل عمرهم من دون السنوات الخمس، يعانون تأخر النمو، فيما أكثر من 45 مليون طفل يعانون الهزال، ونحو 40 مليوناً يعانون وزناً زائداً.
ويلفت التقرير أيضاً إلى أن أكثر من 40 في المئة من الرجال والنساء (2.2 مليار شخص) يعانون وزناً زائداً أو بدانة.
إلحاق الضرر بالبيئة
وقالت رئيسة مجموعة الخبراء المستقلين الذين أنجزوا التقرير، ريناتا ميشا، لوكالة الصحافة الفرنسية، “ارتفعت نسبة الوفيات التي لا يمكن تفاديها والتي يتسبب بها نظام التغذية السيئ بـ15 في المئة منذ عام 2010″، ما يشكل اليوم “25 في المئة من نسبة الوفيات عند البالغين”.
وتابعت، “تظهر نتائجنا العالمية أن تغذيتنا لم تتحسن خلال السنوات العشر الأخيرة، وباتت تشكل اليوم تهديداً كبيراً لصحة الناس والكوكب”.
ولا تستهلك الشعوب كميات الأطعمة المفيدة الموصى بها مثل الفاكهة والخضار، بحسب التقرير الذي لفت إلى أن الدول ذات الدخل المحدود تستهلك أقل كميات من هذه الأغذية.
ويزداد استهلاك الأطعمة المضرة للصحة، مثل اللحمة الحمراء والألبان والمشروبات المحلاة، في الدول ذات الدخل المرتفع أكثر حيث تسجل أعلى نسب البدانة.
وتوصل التقرير إلى أن الطلب العالمي على الغذاء تسبب بنحو 35 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة عام 2018. ويشير التقرير إلى أن “المنتجات الحيوانية لديها تأثير في البيئة أعلى من تأثير المنتجات النباتية”.
ودفعت جائحة “كوفيد-19” نحو 155 مليون شخص إضافي نحو الفقر المدقع، إلى جانب تأثيرها في الأنظمة الغذائية والصحية، بحسب التقرير.