على مدار يومين متتاليين في ٢٥ و٢٦ من تموز انعقدت خلوة في البحر الميت ناقشوا فيها موضوع التحديث الاقتصادي والإداري، شارك في هذه الخلوة 600 شخص من المعنيين في عملية التحديث.
أول ما يلاحظه المرء استثناء التحديث السياسي من التقييم، بالإضافة إلى الغياب الحزبي عن المشاركة في التقييم.
ثانيا رغم كل الحديث الممل عن التحديث الإداري فإننا حتى بعد إقرار تلك الأوراق لا يزال التعيين في الدولة يتم بصورة عشوائية ودون معيار الكفاءة، حتى هذا التاريخ لم نقدم رؤيتنا لمفهوم الوظيفة العامة، بأنها ليست مجرد عمل لكسب الراتب فحسب بل هي مكان لتقديم الخدمة للناس، هذا الفهم هو الذي يشكل قوة الدفع لتطوير القطاع العام وتحسين أدائه، أي خلق ثقافة جديدة لمفهوم الوظيفة.
إذا لم نحارب المحسوبية ونكرس مبدأ النزاهة، سيبقى الحديث مجردأ غير قابل للتطبيق بل لا يساوي تكاليف الخلوات التي تعقد لأجله، هل يمكن الحديث عن التحديث ولدينا موظفين ويحصلون على رواتب دون أن يداوموا في وظائفهم؟
ثالثا أما الحديث عن التحديث الاقتصادي وجذب الاستثمار، سيبقى كلاما فارغا ما لم يتم تقييم تجربة ربع قرن من الانفتاح الاقتصادي والسير في دروب الخصخصة وما جنيناه من ذاك المسار من فقر وبطالة ومديونية وتبديد للثروة الوطنية؟
أما الحديث عن جذب الاستثمار سيبقى مجرد أماني ما لم يتم التصدي للفساد ومواجهة عملية الابتزاز للمستثمرين من خلال افتعال عقبات بيروقراطية، وتسهيل فرص الاستثمار، إن التهرب من مواجهة بيت الداء يعني استمرار الحال كما هو.
رابعا هل يستقيم الحال بالحديث عن التحديث الإداري والاقتصادي بدون الولوج في صلب التحديث المتمثل بالجانب السياسي والديمقراطي والتعددية الحزبية واحترام حقوق الإنسان، هل يستقيم ذلك مع القوانين التي تم إقرارها مؤخرا وعلى رأسها قانون الجرائم الإلكترونية الذي اشعل القلق لدى الأردنيين وكل العاملين في حقل حقوق الإنسان حتى على المستوى الخارجي؟
انتهت الخلوة وسيدبج الإعلاميين المشاركين مقالات الثناء والإشاء دون توجيه سؤال هل تقدمنا ولو بوصة واحدة على طريق التحديث؟
يقينا أن كل هذا الذي يجري حرام، وتبديد للجهد والوقت وحرف للبوصلة عن مكمن العلة، التي لو حددناها بالضبط لتسنى لنا الخروج من ما نحن فيه.