يضيق صدر الاحتلال الصهيوني بكل مؤسسة أهلية أو سياسية تعمل على خدمة الشعب الفلسطيني وهذا طبيعي، بل على العكس، هو شرف يضاف على سجل هذه المؤسسة أو تلك. كلما علا الصوت كلما أوجعت الاحتلال وهذا حال المؤسسات الوطنية الفلسطينية الستة أعلن الاحتلال الصهيوني مؤخرا أنها مؤسسات إرهابية تابعة لأحد الفصائل اليسارية.
المؤسسات الست “الإرهابية” تُعنى بالطفل والمرأة، القانون والحقوق، الزراعة والبحوث وهذه الشمولية وإن كانت تابعة لفصيل بعينة إنما تؤكد على صوابية عمله.
هذه المؤسسات والتي تأسست من بداية الثمانينات إلى أوائل التسعينات، أي أنها تأسست قُبيل وخلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، تلك الفترة التي كان زخم مقاومة الاحتلال فيها خارج الأرض المحتلة، فكان ظاهر العمل يعتمد على المؤسسات الأهلية ولكن بجوهره هو عمل وطني مُؤدلج.
اتحاد لجان المرأة والذي تأسس رسميا في عام 1980، أعلن أهدافه النضال من أجل مجتمع مدني ديمقراطي تقدمي خال من كافة أشكال التمييز ضد المرأة وتحقيق العدالة الاجتماعية. ارتبط عمل اتحاد لجان المرأة مع عملها في دول الطوق العربية والتي كانت تحمل بعدًا قوميًا ووطنيًا يُعنى بالقضية الفلسطينية كقضية عروبية، فكان عمل المرأة من خلال اتحاد اللجان واتحادات المرأة العربية هو ملاذ الحركات الوطنية باختلاف أيديولوجياتها وأحد أهم أدواتها الفاعلة.
إبان انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى ومع تشكيل اللجان المحلية داخل المخيمات وأماكن الغضب الفلسطيني كان للاتحاد وللمرأة الفلسطينية عمومًا دورًا هامًا في كسر الحصار عن المخيمات، وتأمين عوائل الأسرى والشهداء بالمؤن والاحتياجات الضرورية. إضافة إلى الاشتباك مع العدو الصهيوني بمختلف أماكن المواجهة.
الهام في الأمر ما حدث لأغلب المؤسسات الأهلية ما بعد توقيع اتفاقية أوسلو، حيث جُردت من مضمونها الوطني والتعبوي، وتحولت إلى مؤسسات مرتهنة إلى التمويل الأوروبي والأمريكي المشروط، إضافة إلى العديد من التفريخات الجديدة والتي أصبحت تشكل عبئًا جديدًا على المجتمع وتساهم في تقويض العمل الوطني لصالح مؤسسات مجتمع مدني دخيلة عليه تعمل وفق أجندة غير وطنية.
هذه التغييرات أصابت عمل المرأة كما أصابت غيره من الجوانب الاجتماعية فكان الخيار إما الاعتماد على المانحين الدوليين وفق شروطهم بدعم وإعطاء الشرعية لسلطة غير وطنية فاسدة تُكمّل دور الاحتلال الصهيوني، بدلًا من أن تواجهه، وتساهم في قمع الشعب الفلسطيني وتقويض عمله، وتعمل على محاربة الفصائل الوطنية، أو أن تكون في الجانب الآخر من العمل وتحافظ على بعدك الوطني الحقيقي وتحمل وسم “مؤسسات إرهابية” وهذا ما حدث.
هذه المؤسسات التي حرصت على أن تحافظ على هويتها الوطنية اليوم هي محاربة من السلطة اللاوطنية سلطة أوسلو، ومحاربة من الاحتلال الصهيوني الذي يعتقل القائمين عليها ويضيق عليها الخناق باعتبارها أدوات إرهابية.
وكما دائمًا أنحاز إلى المرأة وقضاياها بكل المجالات فخصصت هنا الإشارة إلى اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، وأوجه التحية إلى كل القائمين عليه، خاصة المناضلة الأسيرة ختام السعافين رئيسته المعتقلة لدى الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من عام.