لا يعترفون بالهزيمة بل يواصلون تعنتهم و صلفهم و عشقهم للغنيمة.. عرفنا هذه الحقيقة جيدا من دفاتر التاريخ و بامكاننا أن تذهب بعيدا في التفسير و تاويل المقاصد.. وحده الزمن بكل منعطفاته و مفارقاته و كوابيسه كفيل بكشف الالاعيب و المخططات و المؤامرات.. رغم كل شيء سنواصل السير على جمرات الواقع و لا يهمنا انهاك الجسد و الذاكرة.. لابد من الخروج من النفق الكبير مهما تكبر التضحيات.
المدافع الجسور عن المشروع الوطني الديمقراطي بافقه الاجتماعي لا ترعبه الاساليب المنتهجة من قبل الخصوم بل تزيده اصرارا على مواصلة الدرب العسير بعزيمة المقاتلين الشجعان و عقيدة المحاربين العاشقين لبهاء المعركة.
لقد اثبتت التجارب عبر كل مسارات التاريخ القديم و الحديث و المعاصر ان الشعوب الطامحة للتحرر الوطني و الإنعتاق الإجتماعي ٫ لا ترهبهم التضحيات الجسام و الخسائر في الأرواح و الممتلكات ٫بل تزيدهم إصرارا و عزيمة على مواصلة المشوار و المسار المضني بإتجاه الحرية ٫هذه الحسناء الخارقة الجمال و البهاء و النبل الساكنة في ادمغة الأحرار.
ليس خافيا على أحد ان مشاريع التحرر الكبرى التي خاضتها الإنسانية التقدمية ٫ لم تات من فراغ ٫ بل كانت بوصلتها المركزية في المعركة قيم العقلانية و التنوير و مناهضة الظلامية و الذهاب بافكار التقدم و المواطنة و علوية القانون و الأفق الإجتماعي للدولة الوطنية إلى الأمام مهما تكبر التضحيات في الزمان و المكان.. المهم في المعركة ٫ هو الإيمان اليقيني بمشروعية الصراع مع كل الكيانات المتصادمة مع الإنسان ٫ جسدا وروحا و قيمة مناهضة للاستبداد و الإستغلال و التبخيس و السلعنة و التحقير.
يبدو ان الإنسانية في هذه المرحلة التاريخية المفصلية تمر باحلك فتراتها عل الإطلاق ٫ و لعل وحشية المجازر و المذابح التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب النازي في غزة ٫ و بايعاز و تشجيع من القيادة السياسية و العسكرية للامبريالية الأمريكية دليل واضح على هذا المسار الغارق في الظلام..
ليس هناك أي افق للخروج من هذا النفق الكبير ٫ سوى التحالف الموضوعي الذي فرضته الأحداث و الوقائع بين القوى السياسية و المدنية المؤمنة بقيم التنوير و التقدم و العدالة الإجتماعية و حقوق الإنسان و دولة القانون و المؤسسات لخوض معركة مفصلية و مصيرية مع القوى الإستعمارية بكل رمزية هذه في قاموس الفكر السياسي٫ هنا و هناك ٫ في كل اقاليم المعمورة . إن المنعطفات التاريخية الكبرى التي حدثت الإنسانية ٫ لم تكن ثمرة صراعات هامشية ٫ بل كانت نتيجة معارك حاملة لمشاريع كبرى في التحرر و الإنعتاق ضد خصوم الحرية و العدل الإجتماعي و قيم التقدم و انسنة المجتمعات خارج محددات الدين و العرق و الإقليم و اللون و اللغة و الطائفة.
ستبقى الإنسانية تدور في دوامة المتاهة ٫ طالما ان القوى المؤمنة بانسنة المجتمعات ٫ لم تتوحد و تتكتل في جبهة واحدة ضد كيانات الإستبداد و الإستغلال و العبودية المعاصرة….الغد تصنعه السواعد و العقول المستنيرة بعيدا عن الظلام بكل تعبيراته…