باتريس لومومبا.. وقائع اغتيال قائد ثوري

د.موسى العزب
4 دقيقة وقت القراءة

بعد 61 عام على اغيال باتريس لومومبا، تم صباح اليوم الاثنين 20 حزيران، التسليم الرسمي لـ “رفاة” خاصة جدًا!!

 حيث أكدت الحكومة البلجيكية اعتذارها،  وقامت بتسليم بقايا رفاة رئيس الوزراء الكونغولي التقدمي باتريس لومومبا إلى أسرته. في حفل مؤثر، نصف خاص، ونصف عام.

جرت الاحتفالية في قصر الحكومة البلجيكية في بركسل، بحضور رئيس الوزراء البلجيكي، ووفد رسمي كونغولي.

في رسالته الأخيرة، المؤرخة في كانون ثاني 1961، والموجهة إلى زوجته من مكان اعتقاله، يستحضر أول رئيس وزراء في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الفقيد باتريس لومومبا، الأسباب والتهم المرتبطة بالحكم بإعدامه:

 “في السجن، وبناء على أوامر من المستعمرين، ليست سلامتي الشخصية هي المهة.. إنها الكونغو.. تحيا الكونغو.. تحيا أفريقيا” !

كان باتريس لومومبا أحد آباء الاستقلال. ومن بين أهم الأسباب المباشرة لاغتياله، هي معارضته للتنازل عن مقاطعة كاتانغا (التي كانت جزءًا من جمهورية الكونغو)، والتي تم الإعلان عنها  كدولة مستقلة تابعة لبلجيكا، في حزيران 1960، أي بعد فترة وجيزة من تحرير الكونغو  30 أيار 1960.

رأى لومومبا في ذلك مؤامرة تم تلفيقها من قبل البلجيكيين بهدف تقسيم البلاد وإضعافها، لتحقيق مصالحهم الاقتصادية كاستعمار جديد. 

في أول خطاب له كرئيس للوزراء، عاد إلى هذه القضية، في الوقت الذي كانت فيه بلجيكا، وبدعم من الناتو، تدعم الانفصاليين. وبالتالي، راح لومومبا ينتقد سيطرة الضباط البلجيكيين على الجيش الكونغولي.. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه بعد استقلال الكونغو، كانت لا تزال بعض المواقع القيادية وخاصة داخل الجيش، تعاني من وجود موظفي الخدمة المدنية البلجيكيين، بذريعة تدريب المديرين التنفيذيين الكونغوليين المستقبليين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن صداقة لومومبا مع القادة الأفارقة مثل جمال عبد الناصر وسيكو توري، وكذلك علاقات بلاده الدبلوماسية الجديدة مع السوفييت، وضعته على مفترق طرق حرج جدا مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تحدث الرئيس أيزنهاور بشكل صريح عن الحاجة إلى اللجوء إلى “تصفيتة الجسدية”.

طلبت بلجيكا (وبدعم من المخابرات المركزية الأمريكية)، من موبوتو التقاط الفرصة، ووضع حد لهذا “الإزعاج”!!

وهكذا تولى موبوتو السلطة في الكونغو بعد الانقلاب الذي وقع في 14 أيلول 1960، وقد وضع لومومبا قيد الإقامة الجبرية في منزله، وتم تسليمه بعد ذلك إلى خصمه مويس كابندا تشومبي في إقليم كاتانغا، الذي قام بالمشاركة بتعذيبه شخصيًا بمساعدة الضباط البلجيكيين.

هذا الفعل الإجرامي الذي مورس ضد سياسي شرعي في منصبه، وساهمت به دول وضباط انقلابيين، كان عنيفا بشكل لا يصدق. 

بعد أسابيع من الاعتقال والإيذاء الجسدي والإذلال، تم تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص بحق الزعيم الوطني لومومبا، ولرفيقيه; جوزيف أوكيتو وموريس مبولو، بعد المكوث عدة أشهر في الأسر، وذلك في 17 كانون ثاني 1961.

باتريس لومومبا

أعيد جثمان لومومبا إلى موبوتو، الذي أخفى كل أثر للقائد بإذابته بالأحماض، وقيل في حينه بأن أجزاء من الجثمان قد نقلت إلى بروكسل، حيث نفذ الإعدام بمباركة من الملك البلجيكي بودوين.

وقاد فصيلة الإعدام رائد في الجيش البلجيكي، وتم برعاية جاستون إيسكينز، رئيس الوزراء البلجيكي، والكونت هارولد  أسبرمونت، وزير الأعمال، ولاري ديفلين من (CIA).

كان لومومبا صديق لفرانتز فانون، وقد ساند بقوة نضال الحركات الأفريقية التحررية، وكان قد شحن عشرة ألاف بندقية إلى جيش جبهة التحرير الوطني الجزائري أثناء حرب التحرير.

 في حزيران 1967، وبأمر من الرئيس الرئيس بومدين تم اختطاف طائرة الجلاد، مويس كابندا تشومبي وسجنه في الجزائر، حيث توفي في سجنه بعد ذلك بعامين.

لومومبا، هذا البطل الوطني في الكونغو، شكل قدوة وإلهاما للعديد من الأفارقة والأميركيين الأفارقة، ولحركات التحرر في جميع أنحاء العالم.

في عام 2001، قدمت الحكومة البلجيكية اعتذارا رسميًا إلى الكونغو.. بعد أن تم افتضاح دورها الإرهابي القذر في أكثر الانقلابات دموية وخسة في أفريقيا.

المجد لذكرى القائد الوطني لومومبا … النصر للشعوب المناضلة.

شارك المقال
متابعة
  • الدكتور موسى محمد عبد السلام العزب
  • * مواليد عمان/ في 2 أيار 1951.
  • * حاصل على شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة وهران/ الجزائر في العام 1978.
  • * عمل في المستشفيات والمراكز الطبية للهلال الأحمر الفلسطيني في سورية ولبنان، حتى العام 1982.
  • * حاصل على شهادة التخصص العليا في أمراض النساء والتوليد من الجامعات الفرنسية عام 1986.
  • * عمل طبيباً إختصاصياً لأمراض النساء والتوليد في مستشفى الهلال الأحمر الأردني لمدة 25 عاما، وعيادة خاصة حتى اليوم.
  • * عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني.
  • * منسق الحملة الوطنية، "صحتنا حق".
  • * ناشط إجتماعي ونقابي وسياسي وإعلامي، لمدة تمتد لأربعة عقود.