انتخابات الرئاسة الفرنسية.. لا فائز من الجولة الأولى.. ولكن من سيدرك الجولة الثانية؟؟

د.موسى العزب
8 دقيقة وقت القراءة

أقل من يوم يفصلنا عن انطلاق الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، وتبدوا الأمور غير مؤكدة، وإن كانت التهيئة منذ شهور، قد عملت على وضع إيمانويل ماكرون، ومارين لوبين في الجولة الثانية.

ولكن مع تقلص الفجوة التدريجي بين الرئيس المنتهية ولايته، والمرشحة اليمينية المتطرفة، بدأ يظهر في الأفق، كمين يصنعه بإصرار اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون ليحصل على فرصة التواجد في الجولة الثانية. علما بأن التنافس في هذه الدورة يقع بين 12 مرشحا، وهو رقم كبير بمقاييس الانتخابات الفرنسية، ويعكس حجم التشظي السياسي الذي يجتاح الطبقة السياسية الفرنسية.

 في نهاية هذه الحملة الاستثنائية، حيث تراجع النقاش السياسي الاجتماعي إلى المركز الثاني، في حين احتلت المركز الأول سجالات وباء كورونا بداية، قبل أن تترك مكانها إلى لغط الحرب في أوكرانيا.. الأمر الذي أربك الحالة الذهنية للفرنسيين وأضعف اهتمامهم بالانتخابات التي لم تشهد أي مناظرات حقيقية بين المرشحين وبرامجهم الانتخابية. وحتى الآن يوجد ما بين 25% إلى 35% من النخبين، ليسوا متأكدين من سيكون مرشحهم، ولا إن كانوا سيذهبون إلى مراكز الاقتراع أم سيقاطعون.

 نوايا التصويت في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية

أظهرت استطلاعات للرأي لدى من هم متأكدون من المشاركة، أن ترتيب احتمالات التصويت، تضع حتى الآن الرئيس النيو ليبرالي ماكرون في المقدمة بنسب تصويت تبلغ 26.5٪ -مع تآكل نوايا التصويت له مؤخرا بسبب برنامجه الاجتماعي- تتبعه اليمينية المتطرفة مارين لوبين بنسبة تصويت 21.5٪، ثم اليساري ميلانشون بنسبة 16٪، وفي المركز الرابع يأتي اليميني العنصري زيمور بنسبة 10٪. تتبعهم اليمينية الجمهورية بيكريس بنسبة 8.5%، ثم الآخرون بنسب ضئيلة جدا لن تشكل فارقا مهما، مع العلم بأن نتائج الصناديق لا تأتي في الغالب مطابقة لاستطلاعات الرأي، مع هامش خطأ بنسبة 3%، كما أن بعض مراكز سبر توجهات الناخبين تكون غير دقيقة ومنحازة، وتعمل على التأثير باتجاهات التصويت أكثر منها بوصف حقائق التوجهات.. ويرى مراقبون بأن الناخبين المترددين قد يقلبون كثيرا من هذه التوقعات، خاصة إن أقنعت لوبين ناخبي العنصري زيمور بالتصويت لها، واستطاعت قوائم اليسار المتنافرة، بالتصويت “المفيد” لصالح ميلانشون!!

نبذة مختصرة عن المرشحين الأكثر حظا.

مانويل ماكرون؛

في عمر 44 عامًا، يقدم الرئيس المنتهية ولايته ترشحه للمرة الثانية، ويبقي التشويق قائما حتى اللحظة الأخيرة.

وهكذا بعد خمس سنوات من السلطة واجه خلالها ماكرون احتجاجات شعبية متتابعة، وعمل على زعزعة استقرار المشهد السياسي الفرنسي، ها هو “يواصل الهجوم” من أجل ولاية ثانية.

  رغم أن الحملة الانتخابية لهذا النيو ليبرالي كانت قصيرة نسبيا، إلا أنه يعول على النجاح، من خلال لعبه بعدد من الأوراق المختلفة: رئيس فرنسا، الرئيس الأوروبي، رئيس الجيوش في زمن الحرب في الباحة الأوروبية. مرشح في حملة انتخابيه عائمة، لدرجة أن خصومه لا يعرفون على وجه التحديد ماذا سينتقدون في حملته التي شارفت على نهايتها.

 ولإظهار رغبته بأن يكون توافقيا وشاملا قدر الإمكان، عمد إيمانويل لوضع شعار “معكم” كعنوان لحملته الانتخابية.

مارين لو بين

عن عمر 53 سنة، تترشح لوبين للمرة الثالثة، وقد مر ما يقرب من عامين، على إعلانها دخول السباق كوريثة لحزب والدها “الجبهة الوطنية”، والتي حولت تسميته إلى “التجمع الوطني”، رغم معاناتها من علاقات “عسيرة” مع الأب المؤسس.

  في انتخابات عام 2012 ، احتلت لوبين الترتيب الثالث بنسبة 17.9٪ من الأصوات، وهكذا تم إقصائها من الجولة الأولى.

  وفي العام 2017، تأهلت للدور الثاني، ثم فشلت أمام إيمانويل ماكرون بسب قيام معظم القوى الفرنسية بالتصويت لماكرون لإقصائها، بما يسمى حملة بناء السدود في وجه اليمن العنصري.

 منذ ذلك الحين، مر حزبها بفترات حرجة، فعملت مطولا على التخفيف من شيطنته، ومن صورته اليمينة المتطرفة، وقد تركت هذه المحاولات بصماتها على تركيبة الحزب، وأثرت على قوة تماسكه وخسارته لجزء من نخبه.

 وهي ترى الآن نفسها بالفعل في قصر الإليزيه، ولكن عليها أن تحسب الحساب، مع خصمها المستجد داخل أقصى اليمين، الصحفي السابق إريك زمور.

جان لوك ميلانشون

هذا هو الترشح الثالث لميلانشون، في عمر 70 عامًا.

 وهو وزير اشتراكي سابق، ويقدم نفسه تحت ألوان حزبه الجديد “فرنسا غير الخاضعة”. مثقف يساري متفوه، ويمتلك كاريزما لافته، ويطلق عليه خصومه لقب؛ (ذئب السياسة الفرنسية).

شغل سابقا موقع نائب أوروبي، ونائب في الجمعية العمومية الفرنسية لعدة دورات، كما شغل منصب عضوا في مجلس الشيوخ.

 في عام 2017، احتل المركز الرابع في الانتخابات الرئاسية عندما تحالف مع الشيوعيين.

 أيد حركة السترات الصفراء في نهاية العام 2020، وأعلن نفسه كخادم للمواطن الفرنسي من خلال تقديم ترشيحه لرعاية المواطن، بطرح برنامج اجتماعي واعد لصالح الطبقات المفقرة والطبقة العمالية. ثبت صورته كمناهض للرأسمالية، ويطالب بخروج فرنسا من الناتو.

 واجه انتقادات كثيرة مؤخرا لموقفه الفريد من الأزمة الأوكرانية، حيث ينتقد فيه الغزو الروسي لأوكرانيا، ولكنه في نفس الوقت، يحمِّل الولايات المتحدة، والدوائر الغربية المسؤولية المباشرة، في تفجر النزاع، ويدعو إلى الخوذ الزرقاء، وليس الأسلحة، إلى أوكرانيا.

إريك زيمور

في سن 63، يقدم نفسه لأول مرة للرئاسيات بعد أن أنشأ حزبه الخاص، “التمكين)” أو (إعادة السيطرة)، وهو بذلك ظل بعيدا عن التشكيلات السياسية الرئيسية القائمة.

 منذ إعلانه عن ترشحه، استطاع زيمور تحريك حملة انتخابيه نشطة، وجذب جزءا كبيرا من الجمهور، بشخصيته المستفزة، وبرنامجه “المغامر”.

وسرعان ما تحول، الصحفي المخضرم في صحيفة “لوفيغارو” اليومية المحافظة، إلى نجم السجالات في البرامج التلفزيونية، وتقمص صورة عدائية في كثير من الأحيان. وبنى خطابه على نيته بجعل الفرنسيين “يشعرون وكأنهم في وطنهم من جديد”. وأنه يسعى لإنقاذ فرنسا من طور “الاختفاء” حتى لا تكون بناتنا محجبات، وأبناؤنا خاضعون لأيدولوجيات الاستلاب”. ومعروف بأنه قد أدين مرتين في السابق بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية.

حقق اختراق جيد، ولكن سرعان ما تراجعت النوايا بالتصويت له، بعد أن أثار الإشكاليات داخل معسكره من أقصى اليمين. وقد توسع معسكر خصومه مؤخرا ليشمل

المفكرين، و”النخب”، والأكاديميين، والصحفيين، والنقابيين.

في الأسابيع الأخيرة، تم تمييزه أيضا بسبب تعاطفه النسبي مع روسيا، وتصريحاته السابقة المؤيدة لفلاديمير بوتين.

فاليري بيكريس؛

مرشحة اليمين الجمهوري. في عمر 54 عامًا هذا هو ترشيحها الأول، علاوة على ذلك، هي أول امرأة تُرشح من ورثة حزب الديغوليين، والذي خرّج جاك شيراك، ونيكولا ساركوزي.

 انتخبت داخل حزبها في الجولة الثانية ضد إريك سيوتي، مرشح الجناح اليميني الراديكالي داخل الحزب، وقادت بداية صعبة للحملة، في ظل ضبابية هويتها السياسية، حيث كانت عالقة أحيانا بين ناخبي زيمور المتطرفين، ومتوافقة أحيانا أخرى مع خطاب ماكرون.

وُصفت فاليري بيكريس -إبنة أحد أحياء باريس الراقية- بأنها “مجتهدة” و”منهجية” و”منظمة”، ولا تخفي ميولها الليبرالية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

 وحملت سابقا حقيبة وزارة (الميزانية والتعليم العالي) لمرتين.

وتترأس حاليًا “منطقة باريس”، وهي المنطقة الأكثر كثافة سكانية في فرنسا.

نتائج الانتخابات ليوم غدٍ الأحد، ستحدد بشكل كبير توجهات الرأي في فرنسا وأوروبا، وشكل الحكم للسنوات الخمسة القادمة،

شارك المقال
متابعة
  • الدكتور موسى محمد عبد السلام العزب
  • * مواليد عمان/ في 2 أيار 1951.
  • * حاصل على شهادة البكالوريوس في الطب من جامعة وهران/ الجزائر في العام 1978.
  • * عمل في المستشفيات والمراكز الطبية للهلال الأحمر الفلسطيني في سورية ولبنان، حتى العام 1982.
  • * حاصل على شهادة التخصص العليا في أمراض النساء والتوليد من الجامعات الفرنسية عام 1986.
  • * عمل طبيباً إختصاصياً لأمراض النساء والتوليد في مستشفى الهلال الأحمر الأردني لمدة 25 عاما، وعيادة خاصة حتى اليوم.
  • * عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني.
  • * منسق الحملة الوطنية، "صحتنا حق".
  • * ناشط إجتماعي ونقابي وسياسي وإعلامي، لمدة تمتد لأربعة عقود.