منذ خمسينات القرن الماضي رأت النقابات المهنية النور بعد إقرار دستور عام 52 وذلك لتنظيم مزاولة المهن والدفاع عن حقوق منتسبيها.
مرت النقابات خلال تلك العقود بمراحل متباينة ما بين الصعود والهبوط، لكن المرحلة التي شهدت حضورا واضحا كان ما بعد عام 1957 إثر الإنقلاب على حكومة سليمان النابلسي وإعلان الأحكام العرفية وحظر الأحزاب.
منذ تلك الفترة شهدت النقابات ما يشبه حضورا تعويضيا للغياب الحزبي العلني القسري، هذا الحضور كان يعيش حالة رجراجة مرتبطة بالحالة النضالية للأحزاب والجماهير الأردنية بحيث تفتح السلطة البيكارالنقابي او تضيقه بما يتلائم وطبيعة اللحظة السياسية .
لكن الشيء المؤكد أن النقابات احتلت مكانا واسعا في العقل الأردني بسبب الدور الذي لعبته من خلال تبنيها للقضايا الوطنية والحريات العامة.
عام 89 وبالرغم من حالة الإنفراج النسبي والسماح للأحزاب بالتواجد العلني، بقيت الأحزاب والنقابات في دائرة الاستهداف من خلال مسميات مختلفة كالتحديث أو الإصلاح أو التطوير.
خلال هذه الفترة شهدنا حملة شعواء ضد الأحزاب والنقابات من التدخل الأمني المباشر أو من خلال التعسف في استخدام القانون، ولعل التدخل المباشر في ترخيص الأحزاب والاشتراطات القانونية أدى إلى خلق بنى حزبية مهلهلة أو بدون رؤية بسبب العداء للأيدولوجية تحت ذريعة أحزاب برامجية .
كان التدخل الرسمي في النقابات شديد الوطأة بحيث باتت النقابات بدون نكهة نضالية وتم تحويلها بفعل التجريف الذي شهدته إلى هياكل ضعيفة التأثير.
إن ما جرى في نقابة الصحفيين مؤخرا والفشل في حل الخلاف سواء من قبل مجلس النقابة أو من قبل مجلس النقباء يعكس مدى التراجع والانحدار الذي وصلته النقابات، فلولا العبث الخارجي في المجالس ما كان لمثل هذه القصص والمشاكل من ان تأخذ هذا الحجم والذهاب إلى المحاكم .
أعتقد أن النظر إلى التراجع في الدور والمكانة للأحزاب والنقابات لا يمكن عزله عن التراجع في مستوى الحريات العامة على المستوى الوطني.
لقد صنفت منظمات حقوقية عالمية من أن مؤسسات المجتمع تعرضت للسحق وفق سياسة ممنهجة.
أعتقد أن المسؤولية باتت عامة وأن الدفاع عن مؤسسات المجتمع فرض عين لأن النهوض بالأردن لا يمكن أن يتحقق بدون حريات مصانة ومضمونة، وأن القدرة على تحقيق تلك المهمة متعذرة بدون توحد كل الفئات ذات المصلحة، وهي على العموم تشكل الأغلبية المجتمعية .