لن أقول أكثر مما قيل حول الاجتماع الأمني المزمع عقده في العقبة بمشاركة الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ماذا يعني ذلك من حيث المبدأ؟!
من حيث التوقيت يأتي الاجتماع في أعقاب مجزرة نابلس والتي ذهب في أعقابها أحد عشرة شهيدا عدا الجرحى ودم الشهداء في نابلس لا زال حارا ويستصرخكم الأخذ بالثأر الأمر الذي يدلل على تواطؤ السلطة واستخفافها بدمائهم وكأن الأمر تسامحا من جانبها وتنازلا عن حقوق الشهداء (وهم لا يملكون هذا الحق) إكراما للجاهة الكريمة من وجهاء العرب والأمريكان قاتلهم الله.
كما أنه يدلل على كذب السلطة بادعائها وقف التنسيق الأمني مع القتلة، لا بل تنشيط القنوات السرية للتنسيق والإصرار على المضي قدما في ذات السياسات التفريطية والمتخاذلة والاكتفاء بمعزوفة القلق والتحذير وبيانات الشجب والاستنكار واللجوء للأمم المتحدة التي خذلت الشعب الفلسطيني في كل المفاصل وعجزت عن تنفيذ قراراتها التي تصدرها بحق القضية الفلسطينية.
على ماذا سيتفقون؟ وماهي القرارات التي يمكن أن تصدر بعد أن باتت السلطة بلا أوراق للتفاوض وتذهب دوما لتقديم المزيد من التنازلات؟ فالمتوقع من هذا الاجتماع مطالبة السلطة بمزيد من الحزم في لجم المقاومين وفرض التهدئة التي تتيح للعدو تنفيذ كامل سياساته دون إزعاج وترك الحبل له على الغرب ليفعل ما يشاء مع توفير الأمن له بشتى الوسائل عسكريا واقتصاديا وسياسيا.
لقد بات الشعب الفلسطيني مقسما إلى ثلاث إما شهيدا أو مطاردا أو أسير والوطن إما مصادرا مقاماً عليه بؤر استيطانية أو مدمرا وكومة من الحجارة وإذا أخطأت السلطة وقدمت مساعدة لأحدهم بعد كل هذا يقوم العدو الصهيوني بخصمها من أموال المقاصة.
فعلام تفاوضون أم أن الأمر لا يتعدى حضوركم بمذكرة جلب بدلا من الدعوة للتوقيع على تنازلات جديدة، فالسلطة باتت ككيس تدريب الملاكمة لا تملك من أمرها شيئا والأرض المحتلة حبلى بكل جديد والمقاومة تتصاعد غير آبهة بالتضحيات والكيان الصهيوني أيضا تتصاعد أزماته الداخلية في ظل حكومة اليمين الفاشي التي تريد تفصيل المستقبل على مقياس بن غفير الكهاني العنصري ولا أظن شعبنا سينساق لنهج السلطة وتنازلاتها فقد عرف طريقه.