أين هو الاحتلال… عن بأم عيني 1948

رانيا لصوي
4 دقيقة وقت القراءة

تضيق بنا الدنيا، تسعنا أحلامنا في الحقيقة، ويسكننا ذاك الوطن النازف حتى وإن لم نراه يوماً، ولكننا نعرفه تماما بعيون من فيه.

رأيت القدس كما لم يراها أحد وأنا التي لم أزرها يوما، رأيتها بعيون العاشقين الصابرين الصامدين، تنقلت في زقاقها هناك، وخبرتُ تماماً أن ليس فيها إلا نحن …

شممت نسيم يافا وبرتقالها، كان لي جولات في بحرها، ليلها ونهارها، زرتها .. حلقت في سمائها، بعيون من فيها… زرت قلقيليه ، نابلس، الخليل، رام الله …… زرتها بعيون عاشقين فيها

ولم أرى الاحتلال ….

في بيتي حجرٌ عليه بعضٌ من دماء، لخصت مقاومة المحتل، لن أراه ولا استشعره إلا بالمقاومة !

غنام غنام، المثقف المشتبك كما يجب، رسم غسان كنفاني كما لم يرسمه أحد، رسمه بجسده قبل أن يحكيه بكلماته، وينقله لنا بعنفوانه .. غنام الذي قال مافينا، ولخص قضيتنا إذ عانقت كوفيته صدره فرسمت خارطة كل فلسطين ..

عندما حدثني يوما عن فكرة عمله القادم حينها، سأموت في المنفى، أماتني من القهر والبكاء، كيف يسكننا الوطن ماحيينا فيصبح ملتصقا باسمائنا على شاهد القبر ، فأنتهي “رانيا لصوي من يافا”، قص لنا حياته وتاريخنا وكأنه أنا وأنت ، كان نحن وكنا كلنا لوحة من الوطن، حدثنا بسؤالٍ ماذا لو بقينا، وكان الجواب بداخل كل منا روح بقيت في الوطن، في فلسطين ، تناضل ، صامدة  وتقاوم …

بعد عمله الكبير عائد الى حيفا، ترقبت ماذا بعد؟

فكان عمله الكبير أيضا سأموت في المنفى ، وترقبت ماذا بعد؟

ليأتينا السؤال أين هو الاحتلال في عملة المقاوم بأم عيني 1948

كيف تكون سيرتك مقاومة وحالة اشتباك مستمر مع العدو تنقلها الى كل الساحات. بالظاهر هو فن مونولوج، هو حديث النفس للنفس.. حوار الروايات وشخوصها، وبالجوهر هو رواية القضية كما نراها نحن..

ولا نرى ولا يرى سوى فلسطين حالة مقاومة ..

في عمله الأخير الذي لم استطع الى الان حضوره على الواقع، ولكن كما زرت فلسطين شبرا شبرا في عيون المحبين، تمكنت من متابعة العمل على صفحات التواصل الاجتماعي وبعيون مُحبي غنام غنام المؤمنين به كما نؤمن بالقضية…

في عمله الأخير يروي لنا المثقف المشتبك زيارته الى فلسطين المحتله عام 1948 ، الناصرة وعكا، ينقل لنا تفاصيله بعيني عاشق قدر تماما شوقنا ولهفتنا للتفاصيل، ويطرح السؤال الكبير أين هو الاحتلال…؟

غنام الذي وصف لنا عنصرية وهمجية وبطش الاحتلال، تنقل جنوده في الساحات والأزقة، قال “هذا الاحتلال هش وقابل للهزيمة، بل انه لن يحتمل سوى هزيمة واحدة….”

هزمناه في بقاء بيت غسان كنفاني موسوماً له، كل من حوله يعرفه، يعرف تاريخ ميلاده، ويعرف تاريخ مقاومته وخلوده ..

هزمناه حين جال غنام ولف في شوارع الناصرة ولم ترى عينيه فيها سوى أهلها، ولم يسمع سوى أصوات حجارتها تنطق العربية ..

هزمناه في مقابر شهدائنا الصامدة الراسخه الدالة على شعبٍ مقاوم، رفاة ابطالة فؤاد حجازي، محمد جمجوم، عطا الزير قنابل مشتعلة في وجه الاحتلال..

akka shahadah

هزمناه وهزمناه وهزمناه كثيرا وكثيرا يا بايا يا غنام، هزمناه في كل مافيك من جبروتٍ مقاوم، في كل مافيك من حالة اشتباك .. هزمناه بأن لنا الغد وبعد غد ، لنا الوطن

هزمناه شعوباً نابضة.. طلبت من حضورك الكريم أن يطلق رصاصة من بيت السؤال، رصاصة من خندق الصمود … لماذا هزمنا….؟ لماذا يهزموننا..؟ لما لم نهزمهم…؟ ونحن نرمق كل حاكم ومسؤول، كل قائد ومقاوم لم يكمل الطريق !!!

لم نهزم مادمت فينا يابا، ولن يهزم هذا الاحتلال أرضنا ما دام لنا فيها أبطالاً عانقوها.. هي جولةٌ والحرب سجال والحق لا يضيع ، كل من باعها فان، ولن يبقى سوى وجوه حراسها..

ما هَمَّ أن نموت في دويِّ صَرخاتِ الحرب ِ … ما هَمَّ إذا وجدنا بعدنا مَن يحملُ السِّلاح، يواصلُ الكِفاح، ويحمل الثورة للنَّصرِ…إذا وجدنا غيرنا، فنحنُ لا نموت

شارك المقال
  • عضو في حزب الوحدة الشعبية
  • ناشطة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية
  • مهتمه في قضايا المرأة
  • رئيسة رابطة المراة الاردنية سابقا
  • مدونه في الشان الفلسطيني والمراة