أبشر بـ الفزعة..

رانيا لصوي
3 دقيقة وقت القراءة

كيف تحولنا الى مجتمع استهلاكي عقيم من الإنتاج، نملك ثقافة الفزعة التي تشعرنا بالرضا عن النفس، توهمنا بأننا حققنا التكافل الاجتماعي، وأصلحنا ما يمكن اصلاحه من خراب اجتماعي أنتجه الفقر والمديونية، والارتهان الى سياسات صندوق النقد الدولي والدائنين وأجنداتهم.

في ظل غياب العمل المؤسسي المتكامل، المبني على الخطط والبرامج، وغياب تحديد المسؤوليات وبالتالي المحاسبة، انتشر الفساد وستشرس في مؤسسات الدولة. ليس هذا فحسب بل أصبحنا نجد “أسلوب الفزعة” يرفع البلاء عن المواطنين سواء في ايام الأمطار وغرق الشوارع، الثلوج، انقطاع الكهرباء… ومؤخرا ما حدث مع نداء ابنة صاحب مطعم “سهول سحاب”، وهي ليست الحالة الاولى ولن تكون الاخيرة.

بدل من أخذ العبر، والاستفادة من كل المشاكل التي تواجه بلدنا الأردن، نجد أنفسنا نتغنى بثقافة “الفزعة أو الحميّة” وإن كانت محمودة في بعض الظروف، إلا أنها لا يجب أن تكون النمط السائد في المجتمع، مما يؤدي الى زيادة الفساد وتقصير المؤسسات، وبالتالي غياب العدالة الاجتماعية التي تعتبر حق لكل المواطنين في الخدمة مهما كان نوعها.

مفهوم العمل التطوعي

تقديم العون والمساعدة للأخرين في موضوع ما او قضية، هو جوهر مفهوم العمل الطوعي الذي يقوم به الانسان دون تكليف وبرغبة منه. درج الاهتمام في الدول المتقدمة بترسيخ مفهوم التطوع في المجتمع، وتأطيره، بحيث يكون عمل جماعي منظم يعكس مردود ايجابي حقيقي على المجتمع.

الفزعة 4

بالإمكان القول، انه وفي ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني المحلية، ومحاربة الأحزاب وشيطنتها، عدم تدريب الشباب في الجامعات على العمل الطوعي والحزبي، نجد أن ثقافة المجتمع الأردني تميل الى العمل الطوعي الفردي، والذي من الممكن التعريف عنه بـ “الفزعة”.

انعكاس العمل التطوعي الجماعي والمنظم على الفرد والمجتمع، هو انعكاس ايجابي يدمج الفرد بالمشروعات الطوعية المحببة له، ويجعل لوقته أهمية وفعالية ايجابية، اضافة الى الخبرات والمكانة المجتمعية التي يكتسبها الفرد. انتظام هذه الخبرات وتراكمها ضمن مؤسسات وأحزاب، وهيئات يجعل منها دور تكميلي لتقصير المؤسسات الحكومية والخدمات المطلوب تقديمها، وبالتالي يتم بناء حقيقي تعاوني للمجتمع يردّ عليه بالفائدة الحقيقية.

اما اقتصار العمل الطوعي على الفرد، وبقاءه ضمن منظومة الفزعة لن يحقق أي تقدم حقيقي يُبنى عليه، بل على العكس يشجع الحكومات ومؤسساتها على الاستمرار في التقصير وزيادة الفساد.

الفزعة في الأردن

رغم ارتباط هذا المفهوم بالحميّة والانتماء في ثقافتنا، إلا أنه وبسبب فقدان العمل المنظم كما أسلفنا، شابه الشوائب والتشوهات، فنرى اليوم استغلال للفزعة وصور جديدة لها مثل العنف الجامعي، الإنتخاء في الانتخابات على اختلافها الى ابن العشيرة، غياب المعايير الواضحة لمن يستحق الفزعة، لا سيما الدور الذي باتت تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي في خلف “فزعة الصدفة” إن صح التعبير، وهي تسليط الضوء على حالات ربما تحتاج الاهتمام والمساعدة ولكن هذا لا يلغي وجود العديد من الحالات المشابه او الأهم التي لم نصل لها ولا نعرف عنها.

لنكن مجتمعات متطورة، قادرة على العمل التطوعي البناء، قادرة على تعويض النقص في الخدمة المقدمة للمجتمع، علينا بناء أحزابنا ومؤسساتنا المدنية بطريقة حرّة منظمة مُبكرة تضمن لنا تحقيق الهدف.

فهل تُبشر الحكومة بـ الفزعة؟!

شارك المقال
  • عضو في حزب الوحدة الشعبية
  • ناشطة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية
  • مهتمه في قضايا المرأة
  • رئيسة رابطة المراة الاردنية سابقا
  • مدونه في الشان الفلسطيني والمراة