آذار .. نضال أم عادات وتقاليد

رانيا لصوي
4 دقيقة وقت القراءة

أهم القضايا تفقد الكثير من مضمونها وجوهرها اذا ما قولبت باللازم والمفروض، دخلت في فخ الروتين والشكل الاحتفائي.

قولبت آذار بكل مناسباته التي تخص المرأة بشكل خاص، قولبته بالضرورة وجوب الاحتفاء أو تناول بعض القضايا الشائكة في حياة المرأة بات يجعل منه حدثا باهتا بلا وهج، بل على العكس أصبح فرصة لتغيير المفاهيم وتسليعها وهذا ماتُصّر الرأسمالية على تكريسه، فآذار أصبح مناسبة لرفع أسعار الورود، و اغراق الأسواق بعروض الهدايا والادوات المنزلية التي تحدُ وتأطر فكرة يوم الأم والمرأة.

لاشك أن القليل من يتذكر يوم الكرامة ويفهم معنى يوم الأرض، آذار فقد الكثير من ربيعه حين أصبح ضمن الممكن والواجب، وبعد كل البعد عن النضال الحقيقي من أجل تحقيق وعي أفضل للمرأة يساعدها لتدرك دورها الحقيقي في بناء ذاتها وبناء المجتمع وتحقيق مفاهيم العدالة الاجتماعية.

يوم المرأة العالمي الذي بُني على نضالات المرأة العاملة وتحصيل حقوقها، مناسبة ارتبطت بالتضحية والقدرة على التوافق بين الوعي والسلوك عند المرأة، فكان يوم كرسه التاريخ وتحتفل به النساء لسنوات طويلة. تحول اليوم الى مناسبة احتفائية فارغة من أي مضمون نضالي، مدونه على رزنامة مؤسسات المجتمع المدني و المنظمات الحقوقية، تستذكره في حينه، ويغيب عنها طوال العام، وحال المرأة في دول العالم الثالث بالذات، دولنا العربية لا يشهد سوى التراجع، التشويه، ومزيدا من العنف والاستغلال، وكأننا عدنا للخلف سنوات وعقود.

يوم الأم الذي تاه ما بين الاكراه و الاستباحه، أضعناه في نقاش هل نحتفل بأمهاتنا يوماً أم أيام؟ وكأننا في هذا المجتمع نتناسى وننسى أن بيننا أمهات مظلومات من عوائلهن، ابنائهن، ازواجهن، من منظومة كاملة ترفض الاعتراف بفضلهن على المجتمع ومكوناته، مظلومات من مجتمع كامل بقوانينه و تشريعاته.

وماذا بعد الفقر وقلة الحيلة، وأكبر الظلم أن نغمض أعيننا عن وجع الأمهات و لا نرى سوى “طنجرة أو خاتم ذهب” تعبيرا عن امتنان نحتاج سنوات لرد جميله!

ومن واقع فهمنا الماركسي، وربطنا لقضايا المجتمع معا، لا نجد أن آذار المرأة بعيدا عن آذار الكرامة والأرض، هذا الربط الذي لم يعد “دارجاً”، ناله الكثير من التغييب و التجهيل العامد المتعمد، التشويه الذي أفقد الكثير من المفاهيم ربطها الوطني، وقيمتها الحقيقية في قراءة التاريخ والبناء عليه، المراكمة من أجل ترتيب القضايا كما يجب أن تكون.

الربط الجدلي بين معركة الكرامة التي كرمتنا ليومنا هذا أمام العدو الصهيوني، ويوم الأرض الفلسطيني الذي كرس أحقيتنا بفلسطين التاريخية، واستمرار النضال من أجل حريتها واستعادتها، هذه المناسبات الوطنية التي ارتبطت باستقلال الشعوب ونضالها، لا تختلف ولا تبتعد عن دور المرأة في المجتمع، تتلاقى معه وتتكامل من أجله.

آذار .. هل فقد أسباب الاحتفاء به، والنضال في مناسباته، هل فقد جوهره وتحول الى عادات وتقاليد عن مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان، أم أنه مازال يحمل ربطا عميقا بين المرأة والكرامة والأرض، ويكرس قوانين بناء المجتمع وتحرره، فنضال المرأة يكمله الرجل، ومفهوم الوطن تبنيه الأسرة، وتحقيق الكرامة لا يأتي الا بمنظومة متكاملة من النضال والعدالة الاجتماعية.

مازالت المرأة الفلسطينية بشكل خاص، السورية واليمنية والعربية عموما تقدم نماذج حقيقية قادرة على الربط بين مفاهيم أساسية وطنية تحررية وأسرية، تؤكد على دور المرأة وقدرتها على التغيير في مكونات المجتمع….

آذار بكل مكوناته سيبقى محطة نضالية متكاملة نبني عليها ونناضل من أجل تكاملها.

شارك المقال
  • عضو في حزب الوحدة الشعبية
  • ناشطة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية
  • مهتمه في قضايا المرأة
  • رئيسة رابطة المراة الاردنية سابقا
  • مدونه في الشان الفلسطيني والمراة