فاز المرشّح اليساري لولا دا سيلفا يوم أمس الأحد، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية البرازيلية، وحاز دا سيلفا على نحو 50.9% من الأصوات، متقدّماً على منافسه المنتهية ولايته اليميني المتطرف جايير بولسونارو الذي حاز 49.1%.
وجاء ذلك بعد أن تصدَّر دا سيلفا الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة في 3 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، متقدّماً على بولسونارو ومرشحين آخرين.
وأغلقت الأحد، الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي (20:00 بتوقيت غرينيتش)، الصناديق في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التي دُعي إليها 152 مليون ناخب برازيلي.
وصوّت لولا، “أيقونة اليسار” في البرازيل، صباحاً في مكتب قرب ساو باولو، مؤكداً “ثقته في انتصار الديموقراطية”، ومعرباً عن أمله في أنّ هذه الانتخابات “ستعيد السلام بين البرازيليين”، كذلك، أمل لولا في أن يتمتع بولسونارو بـ”الحكمة” ويتصل به في حال فوزه “للاعتراف بالنتيجة”.
وكانت زوجة الرئيس المنتهية ولايته جايير بولسونارو قد ذهبت إلى صناديق الاقتراع وهي ترتدي علم “إسرائيل”، في دعمٍ فاضحٍ لا تخفيه هي وزوجها لكيان الاحتلال.
وبُعيد فتح مكاتب الاقتراع في الساعة الثامنة صباحاً (11 صباحاً بتوقيت غرينتش) في ريو دي جانيرو، قال الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو: “سنفوز الليلة”، مضيفاً أنّ “البرازيل ستنتصر الليلة”، وتوقّعت استطلاعات الرأي منذ أشهر فوز لولا (77 عاماً) الذي حكم سابقاً لولايتين بين 2003 و2010.
وقبل الجولة الثانية من الانتخابات، حصل مناظرة تلفزيونية بين دا سيلفا وبولسونارو، ويؤكد لولا أنه يريد حماية الديمقراطية وجعل “البرازيل سعيدة” مجدداً بعد ولايتين أخرج خلالهما نحو 30 مليون برازيلي من براثن الفقر في ظل ازدهار اقتصادي، وبفوزه، سيكون لولا الشخصية السياسية المركزية في السياسة البرازيلية منذ 4 عقود.
أكّد الرئيس البرازيلي المنتخب لولا دا سيلفا، اليوم الاثنين، أنّ بلاده عادت إلى الساحة الدولية، وأنها لن تكون “منبوذةً” بعد الآن.
ونشر دا سيلفا في حسابه في “تويتر” صورة الحشود الجماهيرية المتجمعة احتفالاً بفوزه، وعلّق: “سبب انتصاري كان تفاني كل واحد منكم. من آمن بالحرية وبإمكانية إعادة البلاد إلى الشعب البرازيلي”.
ترحيب دولي بعد فوز “لولا” في انتخابات الرئاسة في البرازيل
وفي السياق، أبرق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مهنئاً “لولا” بفوزه في الانتخابات الرئاسية، حسب ما أعلن الكرملين، وجاء في نص البرقية: “عزيزي السيد لولا، أرجو أن تتقبلوا تهنئتي الصادقة بفوزكم في الانتخابات الرئاسية. أكّدت نتائج التصويت سلطتك السياسية العليا. آمل أن نضمن من خلال الجهود المشتركة زيادة تطوير التعاون الروسي البرازيلي البناء في جميع المجالات”.
وكتب الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور في “تويتر”: “لولا فاز يا شعب البرازيل المبارك. ستكون هناك مساواة وإنسانيّة”.
أمّا رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي فقال: “تهانيّ الحارّة للولا على فوزه الرائع في الانتخابات البرازيليّة. أتطلّع إلى العمل معكم من أجل حماية البيئة”.
من جهته، كتب الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل في “تويتر”: “نحن نُقَبّلُكَ أخي الرئيس لولا”، فيما كتب الرئيس التشيلي غابرييل بوريتش في: تويتر “لولا. فَرَح”.
كذلك، أكّد الرئيس البوليفي لويز آرسي أنّ انتصار لولا “يعزز الديمقراطية والتكامل في أميركا اللاتينية. نحن على يقين من أنّك ستقود الشعب البرازيلي على طريق السلام والتقدم والعدالة الاجتماعية”.
وأيضاً، قال رئيس الإكوادور غييرمو لاسو: “أهنّئ لولا على انتخابه رئيساً لجمهوريّة البرازيل الفدراليّة. سنواصل تعزيز الصداقة والتعاون بين بلدينا، من أجل أيّام أفضل لمواطنينا. منطقتنا تُواصل الاندماج في التعدّدية”.
بدوره، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز: “تهانيا دا سيلفا من أجل فوزك في هذه الانتخابات التي قررت البرازيل أن تراهن فيها على التقدم والأمل. دعونا نعمل معاً من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة ومكافحة تغير المناخ. ستمثّل نجاحاتك نجاحات الشعب البرازيلي”.
فيما شدّد الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فيرنانديز أنّ انتصار دا سيلفا “يفتح وقتاً جديداً لتاريخ أميركا اللاتينية..وقت الأمل والمستقبل الذي يبدأ اليوم..هنا لديك شريك تعمل معه وتحلم بشكل كبير بشأن مستقبل الحياة الجيدة لشعوبنا”.
وفي موقف لافت هنّأ الرئيس الأميركي جو بايدن الرئيس البرازيلي الجديد. وقال بايدن إنّه “يريد التعاون مع دا سيلفا”، مؤكّداً أنّ “انتخابات الرئاسة في البرازيل حرة ونزيهة وذات مصداقية”.
بدوره، هنّأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لولا دا سيلفا، معتبراً أنّ انتخابه رئيساً للبرازيل “يفتح صفحةً جديدة في تاريخ” هذا البلد.
وكتب ماكرون في صفحته في “تويتر”: “معاً سنوحّد جهودنا لمواجهة التحديات الكثيرة المشتركة وتجديد أواصر الصداقة بين بلدينا”.
من جهته، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، في حسابه في “تويتر”: “البرازيليون قرّروا..أنا أتطلع إلى العمل مع لولا دا سيلفا لتعزيز الشراكة بين بلدينا، وتحقيق نتائج للكنديين والبرازيليين، وتعزيز أولوياتنا المشتركة – مثل حماية البيئة. مبروك لولا!”.
من هو لولا دا سيلفا وما أبرز محطات حياته؟
– من مواليد الـ27 من تشرين الأول/أكتوبر من العام 1945 في كايتيس، وهي ولاية في شمال شرق البرازيل. وكان هو الابن الـ 7 لوالده من بين 8 أبناء.
– لم يتلقَّ سوى القليل من التعليم الرسمي، بحيث تعلم القراءة عندما بلغ الـ 10 من عمره، وترك المدرسة بعد الصف الثاني لمزاولة العمل ومساعدة أسرته.
– كانت وظيفته الأولى منظف للأحذية ومتجول. وبحلول سن الـ 14 من عمره وجد وظيفة في أحد المستودعات.
– عندما كان يبلغ الـ 19 من عمره، فقد إصبعه الصغير من يده اليسرى أثناء عمله في مصنع لقطع غيار السيارات. بعد الحادث، اضطر إلى الذهاب إلى عدة مستشفيات قبل أن يتلقى الرعاية الطبية. وقد زادت هذه التجربة من اهتمامه بالمشاركة في اتحاد العمال. وفي ذلك الوقت تقريباً، انخرط في الأنشطة النقابية وشغل العديد من المناصب النقابية الهامة.
– في العام 1975 انتخب كرئيس لاتحاد عمال الصلب في ساو برناردو دو كامبو ودياديما، التي تعد من أهم المناطق الصناعية في البلاد لأهم شركات السيارات العالمية، ثم أعيد انتخابه في العام 1978.
– في أواخر السبعينيات، عندما كانت البرازيل تحت الحكم العسكري، ساعد لولا في تنظيم الأنشطة النقابية، بما في ذلك الإضرابات الكبرى، ولأن السلطات حينها كانت تعتبر بأن الإضرابات غير قانونية، سُجن لولا لمدة شهر. ونتيجةً لذلك، ومثل غيره من الأشخاص الذين تم سجنهم بسبب أنشطة سياسية في ظل الحكومة العسكرية، تم منحه معاشاً مدى الحياة بعد سقوط النظام العسكري.
– في شباط/فبراير من العام 1980، كان من المشاركين في تأسيس حزب العمال، ذو الأفكار التقدمية. وفي العام 1983، ساعد في تأسيس اتحاد نقابات (CUT). وفي العام 1984، انضم لحملات المطالبة بتصويت شعبي مباشر في الانتخابات الرئاسية البرازيلية، وهذا ما نجحوا في تحقيقه عام 1989.
– خاض الانتخابات الرئاسية 3 مرات دون جدوى، قبل أن يستطيع تحقيق النصر في انتخابات العام 2002، وقد أُعيد انتخابه عام 2006.
– خلال فترة رئاسته، قدّم لولا برامج اجتماعية شاملة، بهدف مكافحة الفقر ورفع مكانة الطبقة العاملة في البلاد. واستطاع لعب أدوار بارزة في الشؤون الدولية، حيث كان من أبرز المشجعين على إنهاء النظام العالمي ذو القطبية الواحدة بقيادة الولايات المتحدة.
– كان لديه العديد من المواقف المؤيدة لدول وحركات محور المقاومة، ففي الشهر الأخير من ولايته، اعترفت حكومته رسمياً بفلسطين كدولة، وحذا حذوها العديد من دول أميركا اللاتينية.
– ساهم في إيصال خليفة له وهي ديلما روسيف، لكن أداءها خلّف خيبة أمل لدى بعض البرازيليين، لا سيما بما يتعلق بالشق الاقتصادي، وهذا ما مكن جهود الانقلاب عليها وعزلها من الحكم، وتعيين نائبها “ميشال تامر” مكانها.
– في تموز/يوليو 2017، أدين بتهمة غسل الأموال والفساد في محاكمة مثيرة للجدل، وحُكم عليه بالسجن 9 سنوات ونصف. وبعد فشله في قضية استئناف الحكم، تم سجنه في نيسان/أبريل 2018 وقضى 580 يوماً في السجن.
في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2019، قضت المحكمة الاتحادية العليا بأن سجنه مع تعليق الاستئنافات هي قضايا غير قانونية وتم إطلاق سراحه نتيجة لذلك. في آذار/مارس 2021، حكم قاضي المحكمة العليا بإلغاء جميع الإدانات، لأنه حوكم من قبل محكمة ليس لها اختصاص مناسب في قضيته، وتم إعادة حقوقه السياسية.
– في نيسان/أبريل 2021 أيّدت المحكمة العليا البرازيلية إلغاء إدانات بالفساد صادرة بحق الرئيس السابق لولا دا سيلفا ما يجعله مؤهلاً للترشح للانتخابات الرئاسيّة عام 2020.
– في أيار/مايو 2021، صرّح لولا أنه سيرشح نفسه لولاية ثالثة في انتخابات العام 2022، ضد الرئيس الحالي جايير بولسونارو.
– في 30 تشرين الأول/أكتوبر (بالتوقيت المحلي البرازيلي)، فاز دا سيلفا برئاسة البلاد لولايةً ثالثة.