في فوز مستحق وتاريخي لليسار في كولومبيا، فاز المرشح اليساري “غوستافو بيترو” بعد حصوله على 50,47% من الأصوات في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية وفقاً لنتائج رسمية تشمل 99% من الأصوات، حيث أصبح المرشح اليساري عن ائتلاف الميثاق التاريخي غوستافو بيترو أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا.
وحصل خصمه المليونير اليميني رودولفو هيرنانديز الذي أقرّ عبر “فيسبوك” بهزيمته، على 47,27% من الأصوات، أي بفارق نحو 700 ألف صوت، بحسب النتائج التي نشرتها الهيئة الوطنيّة المكلّفة تنظيم الانتخابات.
وكتب بيترو على تويتر: “اليوم هو يوم عيد للشعب. فلنحتفل بأول انتصار شعبي”. وسيكون توليه أعلى منصب في البلاد بمثابة زلزال سياسي في بلد يحتكر فيه المحافظون السلطة منذ عقود.
غوستافو بيترو
ولد غوستافو بيترو، في 19 نيسان/ أبريل 1960 في منطقة تُدعى مستنقع الذهب التابع لمقاطعة قرطبة في شمال كولومبيا. هو سياسي وخبير اقتصادي ومناضل مشهور انتسب منذ شبابه إلى حركة “19 أبريل”، وهي فصيلٌ حضريٌ مقاتل شارك في الصراع الداخلي المسلح بين عام 1974 حتى عام 1990 عندما تم حلها في سياق عملية السلام.
بعدها انتسب بيترو إلى حزب التحالف الديمقراطي الذي نشأ من حركة “19 نيسان”، وأصبح ثاني أهم قوة سياسية في الجمعية التأسيسية عام 1991، انتخب ليكون عضواً في مجلس النواب في انتخابات العام نفسه.
شغل منصب عمدة مدينة بوغوتا منذ 2012 وحتى 2015. وكان قد تخرج من جامعة كولومبيا إكسترنادو، وتخصص في الإدارة العامة والبيئة والتنمية السكانية يحمل ماجستير في الاقتصاد ودكتوراه في الاتجاهات الجديدة في إدارة الأعمال.
غوستافو بيترو.. سادس أفضل عمدة في العالم
حاز جوائز عدّة منها: وسام لويس كارلوس غالان الذي تمنحه لجان الأخلاقيات بالكونغرس لمكافحته للفساد، وجائزة أمين المظالم عن عمله في مجال رعاية الحيوان، وجائزة الريادة العالمية في مجال المناخ. وحصل على لقب أستاذ فخري في الجماعة الوطنية “لانوس” لدفاعه عن حقوق الإنسان والسلام، وفي عام 2014 تم تكريمه باعتباره سادس أفضل عمدة في العالم.
عمل كملحقٍ دبلوماسي لحقوق الإنسان في سفارة كولومبيا في بلجيكا في عام 1994، وهو منصب شغله حتى عام 1996.
في عام 1998، عاد مرّة أخرى إلى مجلس النواب بتأييد من حركة “المسار البديل” التي أسسها مع أعضاء سابقين آخرين في حزب التحالف الديمقراطي، واختير في هذه الفترة كأفضل عضو في الكونغرس من قبل زملائه ومن قبل الصحافة الوطنية لإدانته للفساد ومناقشاته حول السيطرة السياسية.
شغل منصب عضو مجلس الشيوخ عن الجمهورية من عام 2006 إلى عام 2010، وفي تلك المرحلة كشف النقاب عن ما يسمى بالفضيحة شبه السياسية، والتي أظهرت صلات بين السياسيين والجماعات شبه العسكرية، وهو ما دفع إلى اختياره ليكون الشخصية السياسية لعام 2010.
ترشّح إلى الانتخابات الرئاسية في عام 2018 عن “الحركة الكبيرة – كولومبيا الإنسانية”، وحصل على أكثر من ثمانية ملايين صوت، وبحكم قانون المعارضة، من خلال الوصول إلى ثاني أعلى عدد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، أصبح عضواً في مجلس الشيوخ، وهو المنصب الذي يشغله حالياً.
بيترو وعد بإعادة العلاقات مع فنزويلا
في الانتخابات التشريعية التي جرت في 13 من شهر آذار/مارس، انتخب بيترو كمرشح عن الميثاق التاريخي، بأصوات ما يقرب من 5 ملايين صوت، مؤكداً أنه في حال نجاحه في الانتخابات الرئاسية فإنه سيعيد العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع فنزويلا منذ عام 2019.
وقال مرشح تحالف القوى البديلة واليسارية، إنّه في حال فوزه في الجولة الثانية، سيقترح معاشاً لائقاً لكبار السن الذين لا يحصلون عليه اليوم، وتعليماً عاماً ومجانياً وجيداً، ووعد بتشكيل لجنة دولية للحد من الفساد ووضع خطة طوارئ ضد الجوع، وتقوية الشبكة العامة للمستشفيات لضمان تمكن الجميع من الحصول على الرعاية الصحية.
كما وعد بيترو بأنّه سينفذ اتفاقات السلام والأمن الإقليمي، ووقف الحرب وسيعمل على إحراز تقدم في الحوارات مع الجماعات المسلحة مثل جيش التحرير الوطني لإنهاء النزاعات الداخلية في البلاد.
وغرّد بعد فوزه في الانتخابات على تويتر قائلاً: “اليوم هو يوم عيد للشعب. فلنحتفل بأول انتصار شعبي”.
ويرى المراقبون أن بيترو قادر على الاستفادة من التعطش إلى التغيير الذي يتوق إليه الكولومبيون فيما يُشكل توليه أعلى منصب في البلاد زلزالاً سياسياً في بلد يحتكر فيه المحافظون السلطة منذ عقود.