يتكامل المشهد، وتتوحد الجغرافيا، يتنامى الوجع والألم وكل اشكال الصمود، فالصلب مازال، وشعبي مازال يعبر طريق الآلام والأوجاع، يرسخ أشكال الصمود والثبات، ومن حوله من خان ومن باع، ولكنه يبقى في خانة الاعجاز الاول، وفي مرتبة الشرف الأوحد والكل من بعده تابع، سطر حلف موته في معركة الشرف والكرامة، فالفصل بات أوضح، والاصطفاف أصبح قضية الأبطال.. ولا تستوي الساحات وستنقلب المحاور منقلب الشرف والكرامة وسيكون النصر كما استحق ويستحق شعبي وسيحيا.
الأرض حبلى بالدماء، التراب فاض احمرارا من الدم النازف المجبول بالعظام والاشلاء، والصراخ شق الفضاء مدويا، فتح قضبان الزنازين والسجون، عانق أرواح الاسرى، وتحول الى هواء فوق المسجد الأقصى، وفاح مسك الشهداء فتجذر طوفان الأقصى بقلب كل فلسطيني جرفته أوسلو وجعلته بلا هوية، عاد فتجذر وزرع في الأرض شجرة من ارواح الشهداء.
كيف لنا أن لا نثأر وفي كل نكبة ونكسة وحرب لنا عبرة، كيف لنا أن لا نحسن الثأر وفي كل بيت لنا قضية.. سيصبح الصمود يوما ما حرية، ومابعد الدموع التي فاضت في الأرض لن يكن إلا الحرية.
عذرا جيفارا غزه ، غزتك اليوم منكوبة.. مجبولة بدماء الشهداء، فاصبح التاريخ يحمل الكثير من قصص البطولة والصمود في الحواري التي عشقتها و تنقلت بها، والقصص فاقت بطولتك وعشقك لها، ولكنها صامدة
عذرا منك يا ابن الراعي، سجون الاحتلال اليوم ساحات تنكيل وتعذيب كما عرفتها وأكثر، وكأن صورتك اليوم عشر آلاف صورة ويزيد، والصراخ من هناك أعلى من أن يسمعه المتخاذلين
خط السابع من اكتوبر التاريخ من جديد، واختزل يوم الشهيد بيوم الأسير ومعهم يوم الأرض فقلب الموازين وجعل من الطوفان فعلٌ جارف أثبت من جديد أن جوهر القضية وعينا المشوهه الذي تاه في بنود اوسلو و وادي عربه و كامب ديفيد وحواري التطبيع وخزي الأنظمة وعار الصامتين
السابع من اكتوبر الذي كان بداية جديدة للتأريخ، أعاد فلسطين الى قمتها، وحمل معها جموع اللاجئين المهجرين، وجمع الجغرافيا والإنتماء والهوية فسرعان ماتكالب الأعداء والتقط حلفاء الشر خطر القضية، واصبح فعلهم كما الزنا فينا، فجعلوا من الانقسام لحناً جديداً اكثر ضجيجاً و فاضت المياة الساكنة بالخيانة وكثر الطبالين والمنظرين ومحللين المسرح، فأعادوا لنا التيه والتوهان، ولكن كيف لأنهار الدماء الحمراء أن لا تروي بحور الصمود و تخلق الامواج من جديد.
في غزة التي تحولت الى مسرح لا يراه الطبالين، تتغير الصور والمشاهد، وتكتب الحوارات من دماء،
مشهد النزوح الكبير الذي حمل الكثير من أبناء شعبي من شمالها الى جنوبها، كان فيها صوتاً يدوي أعلى من الصواريخ والطائرات، باقون وسنبقى فهي ميتة واحدة وكانت كما أرادها المنادي، ولكن من الميتة حياة..
فجاء مشهد العودة المهيب رغم ضجيج الطائرات والمدفعية، هذا الشعب الذي يعرف طريقة وبوصلته لم يعبث بها مخرجي مدن الملح، ولم تطالها الدول المارقة المؤقته الوظيفية، فنحن شعب وظيفته أن يحيا كريما حرا..
هناك .. مازال عاشقاً يرى أن من بين كل هذا الدمار ضوء، وما بعد الحجر شجر، حدثني أنها ستكون أجمل، وتعود صامدة بعد صبرها، تعض جرحها وتكابر، تلملم الأشلاء وتكابر…
حدثني أنها ستبقى وستكون حلم كل لاجئ، ستبقى جنوب فلسطين الثائر، ولن تكن في القصص والحكايا إلا منارة صمود وعزّ، لن تُهجر ولن تُقسم ولن ترضخ